مخاوف أصحاب الأعمال من المستقبل

خلفان الطوقي

ما أن تنتقل من مكان إلى آخر أو تلتقي أي تاجر إلا وستسمع نفس الأحاديث المتشابهة ولكن بأصوات مُختلفة، ومضمون كلامهم يحتوي نقاط أساسية القاسم المشترك بينها ارتفاع أسعار المحروقات وخاصة الديزل الذي يُؤثر في الحركة اللوجستية التي تؤثر على أسعار السلع والخدمات شاء أم أبى، وارتفاع أسعار المعاملات الحكومية من بيع وشراء وانتفاع ووكالات ومُخالفات وغيرها، وتسبب نقصاً حاداً في منح المناقصات الحكومية، وارتفاعًا في الفوائد البنكية للقروض التجارية بالرغم من رفع سقف الضمانات وصعوبة الإقراض حتى بعد استيفاء الضمانات، وازدياد ظاهرة الشيكات المرتجعة، وارتفاع نسبة الخلافات والقضايا التجارية، ومنع بعض المهن للأجانب من قبل وزارة القوى العاملة في وقت يصعب توفر بدائل من العمانيين، مما أدى إلى خلو الشقق، والذي بدوره أدى إلى عدم مقدرة أصحابها على سداد القروض البنكية، وتحولها إلى عبء قد يؤدي إلى رهنها أو بيعها بأقل من سعرها المخطط له، وختاماً يشار إلى تأخر الترقيات الحكومية وتخفيض الرواتب في بعض الشركات الخاصة خاصة للأجانب مما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية للمواطنين والمقيمين، وتزايد أعداد الباحثين عن العمل.

 

كما هو واضح أن الدورة الاقتصادية عبارة عن منظومة تتكون من عدة حلقات، وكل حلقة تؤثر على الأخرى إلى أن يصل مداها المواطن والمقيم وحتى إيرادات الدولة، ويمكن شرح تأثيرها على إيرادات الدولة بطريقة أسهل؛، عندما تزيد المُعاملات الحكومية من قبل الشركات التجارية والجمهور، فإنَّ إيرادات الدولة ستزيد تلقائيًا، أما إذا قلَّ الطلب على المعاملات الحكومية من قبل هذه الشركات التي ترى نفسها أنها توشك أو مهددة بالإغلاق، فذلك يعني قلة الإيرادات الحكومية، مما يعني مزيدا من العجز المالي وضعف التصنيف الائتماني، مما يضعف موقف الدولة المالي لدى المُقترضين المحليين أو الدوليين، ويضعف سمعة البلد لدى المستثمرين الخارجيين.

يستمر أصحاب الأعمال من كبيرهم إلى صغيرهم في الشكوى ومحاولة توصيل رسالتهم للحكومة وهي أنَّ العام الماضي وهذا العام كانا من أصعب الأعوام على الإطلاق، وأن نية الحكومة في تطبيق الأسعار الجديدة لتراخيص البلدية التي تم تأجيل تطبيقها مرتين، على أن تطبق في شهر يناير ٢٠١٩م، وعزم الحكومة تطبيق ضريبة القيمة المضافة المقدرة بـ٥٪ ستكون موجعة ليس للمؤسسات التجارية فحسب، بل ستكون مؤلمة جدا للمواطن والمقيم وخاصة أصحاب الدخول الضعيفة والمتوسطة لأنهم "واقعيًا" هم من سوف يضطر إلى دفع هذه الفاتورة، ويستمر أصحاب الأعمال في توضيح معاناتهم الحالية، ويطالبون الحكومة بأن توسع مخليتها وتتصور كيف سيكون حالهم بعد رفع أسعار التراخيص ومعاملات البلدية إلى مستويات قياسية بنسب يوصف بعضها بالخيالية، بالإضافة إلى فرض ضريبة القيمة المضافة في توقيت غير مناسب.

ولكي نخرج بتوصية من هذه المقالة، أدعو الحكومة ممثلة في من يدير ملفها الاقتصادي لتشكيل فريق عمل يتكون من ممثلين من وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة ووزارة القوى العاملة والهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات "إثراء" ووحدة دعم التنفيذ والمتابعة "تنفيذ"، والهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة" وممثلين من غرفة تجارة وصناعة عمان ومن اللجنة الاقتصادية بمجلسي الشورى والدولة والجمعية العمانية الاقتصادية برفع توصياتهم لمجلس الوزراء الموقر بإرجاء قرارات الضريبة المضافة وإلغاء رفع رسوم البلدية والبلديات الإقليمية واختيار التوقيت المناسب، وإيجاد بدائل غير موجعة للدولة والمجتمع والفرد والتي تعمق وتعقد الوضع الحالي وتزيد من درجة الانكماش الاقتصادي.