خلفان الطوقي
تُعد الصين ثاني أقوى اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي من بين الخمسة الكبار سياسيًا ومن الأعضاء الدائمين في الأمم المتحدة وعضو في مجموعة العشرين، ومن أكبر المصدرين للبضائع للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وقارة أفريقيا وآسيا الوسطى، ولديها شراكات استراتيجية مع العديد من دول العالم، وتعمل في مشروع طموح وعملاق يسمى بمشروع طريق الحرير أو بما يسمى "حزام واحد - طريق واحد" والذي يهدف إلى ربط الصين بالعالم والعكس.
هذا المشروع الصيني العالمي الذي أعلن عنه الرئيس الحالي لجمهورية الصين في عام ٢٠١٣م، يهدف إلى إحياء طريق الحرير القديم للصين، لكن هدف المشروع الحالي تغير وأصبح يهدف إلى ضمان وجود أكثر من طريق للمنتجات الصينية لتصل إلى العالم، وضمان وصول احتياجات الصين من البضائع بكل سهولة ويسر وبدون عوائق مهما كانت الصعوبات والظروف السياسية التي قد تعطل حركة التجارة بين البلدان، فهدف المشروع كما هو واضح إيجاد طرق جديدة أو بدائل مستحدثة تضمن سلاسة الحركة التجارية في كل الأوقات، وللعلم فإنَّ هذا المشروع طموح ويرحب بالشركاء الذين وصلوا إلى حوالي مائة شريك من دول ومؤسسات دولية، والحكومة الصينية رصدت ما يقرب من ترليون دولار أمريكي لتنفيذه، وتعهدت البنوك الصينية بالإضافة إلى البنك الآسيوي للبنية التحتية والسلطنة أحد أعضائها بتمويل حوالي ٩٠٠ مشروع من الطرق البرية أو البحرية أو سكك الحديد أو أنابيب الغاز التي لها علاقة بهذا المشروع الضخم.
عموماً، وكما هو معروف فإن هناك علاقات اقتصادية جيدة منذ مئات السنين بين عُمان والصين، وتطورت مع اكتشافات النفط والغاز، حيث أصبحت الصين من أكبر المستوردين للنفط العماني، وازدهرت العلاقات التجارية من خلال الشراكة العمانية الصينية في المنطقة الصناعية الخاصة في الدقم من خلال إنشاء منطقة صناعية متكاملة وضخ ما يصل الى حوالي ١٠ مليارات دولار أمريكي، ومن خلال شراكات استراتيجية عن طريق صندوق الاحتياطي للدولة في أحد موانئ تركيا، والمنطقة الحرة والميناء البحري في باجامويو في جمهورية تنزانيا والذي نأمل أن يبدأ تنفيذه في القريب العاجل بإذن الله، وفي الجانب الآخر فإنَّ السلطنة تستورد الكثير من المنتجات الصينية، ومن الملاحظ تزايدها في الآونة الأخيرة.
ولكي لا يطول الموضوع ويتشتت القارئ، فإنَّ هدف هذه المقالة اقتراح الكاتب تشكيل فريق عمل عماني دائم اقتصادي متخصص وتكون عضويته من كل من وزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية و"إثراء" والهيئة العامة للمناطق الصناعية والهيئة الصناعية الخاصة بمنطقة الدقم والصندوق الاحتياطي للدولة ووزارة الخارجية ووزارة النقل والاتصالات وممثلين من اللجنة الاقتصادية من مجلسي الشورى والدولة وغرفة تجارة وصناعة عمان والجمعية الاقتصادية العمانية لتدارس كيفية الاستفادة القصوى من خط الحرير أو خطوط الحرير الجديدة التي ستعيد تشكيل ميزان القوى التجارية في القرن الحالي، ولأن المشروع في مراحله الأولى، فلابد لعمان أو لهذا الفريق المشكل - إن كتب له ذلك - أن يكون جزءا من المشهد العام لهذا المشروع العملاق، فإما أن نكون جزءا من الحدث أو نبقى متفرجين، وإما المبادرة في وقت مبكر، أو التباكي على ضياع الفرص، ولنا الخيار والقرار.