طالب المقبالي
رسائل استغاثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تلقيتها واتصالات عبر الهاتف تدعوني للكتابة ولتسليط الضوء على هذا الموضوع الهام والخطير.
فقرية المهبب ببساتينها الخضراء وحدائقها الغناء تتعرض للموت الحقيقي بسب فلج القرية المصدر الوحيد لري المزروعات.
ولعل شح هطول الأمطار كان من الأسباب التي أدت إلى جفاف بعض الأفلاج والآبار وموت المزروعات التي كان يعتمد عليها كثير من أهالي القرية والقرى المجاورة.
فغالبية سكان قرية المهبب تحديداً يعتمدون على زراعة المحاصيل الزراعية الموسمية في معيشتهم.
وتلبية للنداء أدرت محرك سيارتي قبيل صلاة العصر من يوم الجمعة الماضي بعد التنسيق مع الأهالي فتوجهت إلى قرية المهبب لأقف على المشكلة عن كثب، ولأنقل الصورة الحقيقية لمعاناة القرية بعد جفاف الفلج الوحيد بالقرية، إلى جانب بئر قد نضبت مياهها قبل أكثر من عام.
فقرية المهبب واحدة من القرى الجميلة التي تقع على ضفاف الوادي، وهي إحدى قرى وادي بني غافر بولاية الرستاق.
هذه القرية كبقية قرى الوادي بلدة زراعية وواحة خضراء تشتهر بزراعة مختلف أنواع النخيل والليمون والمحاصيل الزراعية الموسمية، كزراعة القمح والشعير والبقوليات والبصل والثوم وغيرها من المزروعات.
ويعتمد معظم أهالي القرية على الزراعة، وكانت القرية تعتمد على فلج القرية لري المزروعات.
إلا أن هذا الفلج قد نضبت مياهه تماماً قبل أكثر من أربعة أشهر، وطالب الأهالي الجهات المعنية بحفر بئر ارتوازي بالقرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أشجار النخيل التي تحتضر، ولم تطرح ثمارها هذا العام بسبب الجفاف.
وأنا في طريقي إلى القرية كان الاعتقاد لدي أن الجفاف الذي أصاب فلج القرية بسبب شح الأمطار، في حين تبدو القرى المجاورة خضراء تسر الناظرين.
فبعد الجلوس مع أهالي القرية تبين أن هناك أسباباً أخرى وراء نضوب فلج القرية.
ويؤكد الأهالي رغم أعمارهم المتقدمة أنهم لم يذكروا يوماً أن هذا الفلج قد نضبت مياهه في يوم من الأيام رغم الجفاف الذي يحل بالبلاد، فيما يبقى الفلج جارياً إلى أن يأتي الغيث.
ويعزو الأهالي سبب نضوب مياه الفلج إلى حفر بئر ارتوازية "رق" في إحدى القرى الواقعة أعلى هذه القرية، وهذه البئر تم حفرها على بعد 1800 متر من مسار الفلج، في حين أن القوانين المعمول بها في السلطنة لا تجيز حفر الآبار إلا على بعد ثلاثة كيلومترات من الأفلاج القريبة، ويعتبر الأهالي أن حفر هذه البئر غير قانوني رغم التراخيص الرسمية.
وقد تقدم الأهالي بالشكوى عقب حفر الرق في القرية المجاورة لعلمهم بأنَّ هذا النوع من الآبار يصل إلى أعماق بعيدة، فيما تبقى أمهات الأفلاج على أعماق قريبة وبالتالي تنزح المياه إلى الآبار العميقة.
ومن خلال الحديث مع الأهالي فإنّهم يطالبون بالسماح لهم من قبل الجهات المختصة بحفر بئر مماثل، ولا يطالبون بإغلاق البئر التي حفرت لاعتقادهم بأن المياه حق لكل إنسان باعتبار أن الماء شريان الحياة.
وهذا الوضع أدى إلى نزوح غالبية سكان القرية إلى الرستاق المدينة بعد جفاف الفلج وموت المزروعات وذلك للعيش هناك والبحث عن مصادر أخرى للمعيشة، ولم يتبق في القرية سوى أربع أسر لا يزيد عدد أفرادها عن خمسين فرداً.
وإنَّ كثيرًا من أهالي القرية ليست لهم وظائف ويعتمدون على زراعة المحاصيل الزراعية الموسمية التي كانت تغدق عليهم الخير الوفير وتغنيهم عن البحث عن الوظائف ومزاحمة الباحثين عن عمل.
muqbali@gmail.com