أولادنا والكرة..أين يذهبون؟!

أحمد السلماني

قبل ثلاثة أيام تقريبًا كُنت في زيارة لأقارب لي في منطقة روي بالعاصمة مسقط، كنت أقود سيارتي بحذر شديد، إذ بالكاد تجد ممرا تمرق به بسيارتك، السيارات تستعمر الشارع وحولته إلى مواقف، هذه ليست قضيتنا فأغلب العواصم هكذا ولكن ما لفت انتباهي هو مجموعة الأطفال وبكامل طقوسهم وهندامهم الرياضي يلعبون الكرة في الشارع، هنا يستوجب الوضع تركيزاً عاليًا، المسألة تتعلق بأرواح أطفال في عمر الزهور ضاقت بهم المنازل وطاقاتهم الحركية لا حدود لها فكان الحل هو الشارع، وهنا أعتقد أن المسألة تحتاج إلى وقفة جادة من قاطني هذا الحي وغيره من الأحياء بمسقط ومختلف محافظات وولايات السلطنة، فهذا المشهد متكرر إذا ما علمنا أن منظومة ملاعب الأندية والفرق الأهلية لا تخدم كل شرائح المجتمع وتتعاطى مع المشهد الرياضي بطريقة خاطئة ومعقدة تغشاها البيروقراطية من عضويات وخلافه وبالتالي يتجنبها الكثيرون.

 هذا في المناطق التي تنتشر بها الفرق الأهلية أما الأحياء السكنية والمكتظة منها تحديدًا فهذه مشكلتها أعمق، إذ لا توجد ملاعب أو متنفسات والحل إما الشارع والسكة أو الدوارات لتتصدر الحوادث المرورية المشهد الأليم، أعتقد جازمًا أن المشكلة أكبر بكثير في مسقط حيث إن تعداد الفرق الأهلية بها قليل مقارنة بالولايات والمنافسة شرسة للاستحواذ على الأراضي للاستخدامات السكنية والتجارية والصناعية، ومما يؤسف له أن تنشأ مخططات سكنية جديدة وأقصى ما يوضع لها متنفس بسيط عبارة عن حديقة صغيرة لا قيمة أو جدوى منها ويتم تغييب الملاعب والمسطحات الخضراء والتي لو وجدت لتفتقت منها عديد المواهب.

لقد تركت المشكلة هكذا لتستفحل دون مبادرات سواء أكانت رسمية أو مجتمعية من أجل الإبقاء على بعض المساحات والفراغات يستفيد منها المجتمع كمتنفس له، يمارس فيها الجميع نشاطه وبما يعود بالنفع والفائدة للناس صحيًا وذهنيًا وما أمراض العصر الآن إلا من الدعة وقلة الحركة مع ندرة الملاعب خاصة في مسقط والتي يوجد بها 5 أندية فقط فأنى لها استيعاب الكم الهائل من البشر وخاصة فئة الأطفال والشباب.

هذا في مسقط أما ما يحدث في الولايات فهذه قصة أخرى، ملاعب ومتنفسات وبعضها تتبع فرق أهلية فجأة وبقدرة قادر تحيط وتتداخل معها آراض سكنية وتجارية وبالتالي صار الملعب مهددا بالزوال وفي حال تفهمت الجهات الرسمية المشكلة فإنَّ أقرب الحلول هو إيجاد البديل هذا إن توفر ولكن مع التوسع السكاني المضطرد أعتقد أن ذات المعضلة ستتكرر وستختفي الملاعب والمتنفسات التي بلا رسومات مساحية محددة وستجد الأحياء والقرى نفسها بلا متنفس أو مساحة لممارسة الرياضة التي يُؤمن الجميع وعلى مدى تاريخ البشرية على أهميتها صحياً وذهنيا.

واليوم صار حريًا بالجهات ذات العلاقة أن تقوم بتفعيل بعض الإجراءات التي من شأنها المحافظة على الملاعب والمتنفسات بالمدن والقرى وللحق سمعت أن الكثير من الفرق الأهلية طلبت دعم وزارة الشؤون الرياضية للحصول على رسومات مساحية محددة لملاعبها وما يتبعها للاستفادة منها ولدواعي الاستثمار ولم تخذلهم بل دعمت ونسقت مع وزارة الإسكان الموقرة في هذا الشأن والأخيرة تناغمت مع كثير من هذه المطالب لتنتشر قاعدة عريضة من الملاعب في مختلف ربوع السلطنة في تفرد عجيب بالمنطقة لا يملكه غيرنا وبالتالي أتمنى أن يمنح هذا الأمر أهمية خاصة.

 

الأكثر قراءة