الجميع سواسية أمام القانون

 

سيف بن سالم المعمري

الجميع يعلم القاعدة الدستورية القائلة إن "الجميع سواسية أمام القانون"، ولذلك عدم قيام أي مؤسسة بواجباتها تجاه المواطنين والمقيمين يُعد مخالفة تستحق المساءلة القانونية؛ لتقصيرها في حقوقهم، ولكن .. ما هي الجهة التي يحق لها أن تقوم بالمساءلة والمحاسبة؟ وكيف يُمكن تقييم أداء المؤسسات؟ ومتى تستحق المساءلة؟ ومن تلزم عليها المساءلة من أركان المؤسسة.

وضماناً للنزاهة، وتطبيقاً للمادة رقم (17) من النظام الأساسي للدولة؛ لتحقيق المصلحة العليا للوطن، فيمكن القول إن المؤسسات العامة المنوط بها تقديم الخدمات للمواطنين بحاجة ملحة إلى تقييم وتقويم مستمر، وتصحيح مساراتها، حيث كانت سببًا في تعطيل مصالح المواطنين وزادت من الأعباء المالية والإدارية للدولة؛ نتيجة منهجية عملها غير المريحة، ويشهد واقعها بالانحراف عن المسار السليم، ويحتاج لتصحيح الإعوجاج الذي انزلقت إليه.

ليس من المستغرب أن يبحث المواطن عن متنفس لطرح شكواه في شبكات التواصل الاجتماعي، نتيجة تقصير بعض المؤسسات العامة في تقديم خدماتها وغياب الرقابة عنها، وفي المقابل تجد عددا من المسؤولين في تلك المؤسسات لا يكترثون لأن يبلغوا مرحلتي الرضا والقبول لقراراتهم وإجراءات مؤسساتهم أثناء تقديمهم للخدمات أو تلبية احتياجات المواطنين من المشاريع المنوط بهم تنفيذها.

وتبرهن الأيام أن هناك بعض المؤسسات لم تتمكن من تنفيذ خططها، لكننا لم نسمع عن من يحاسب المسؤولين على ذلك التأخر في التخطيط والتنفيذ، وفي المحصلة هناك هدر للمال العام، وتباطؤ في تنفيذ المشاريع التنموية، وتدنٍ في جودة الخدمات، ولو كان مصدر الخطأ في تلك المؤسسات موظفا كان أو مواطنًا طالباً للخدمة، ارتكب مخالفة معينة لن يهدأ للمؤسسة بال إلا بعد إيقاع العقوبة على الموظف أو على المواطن المخالف، ولا يسأل مسؤول المؤسسة عن سوء تخطيطه وتنفيذه للواجبات المنوطة بمؤسسته! ترى هل سيحقق ذلك الغاية من إنشاء تلك المؤسسة، وكم نسمع ونشاهد أن الكثير من المؤسسات لا تصحو لتدارك ما فاتها من تقصير في عملها إلا بعد الأوامر السامية لجلالة السلطان المعظم –حفظه الله ورعاه- فتستفيق من سباتها وتستميت في عملها، ولو لم تصدر تلك الأوامر لظلت ترواح مكانها!

ورغم منح مجلس الشورى صلاحيات رقابية وتشريعية، لكننا لم نسمع حتى الآن عن استجواب أو محاسبة فورية لبعض المسؤولين في المؤسسات الخدمية مع وجود مطالبات عديدة من قبل أعضاء المجلس ومن المواطنين لمساءلتهم. هل يعني ذلك أن مؤسساتهم تعمل بكفاءة عالية؟ ربما! ولقد استبشر المواطنون خيراً بفتح جهاز الرقابة المالية والإدارية لدوائره الرقابية في معظم محافظات السلطنة، لكن منهجية عمل الجهاز- على ما يبدو- لم يشعر بتأثيرها المواطن حتى الآن، سواء من حيث جودة عمل المؤسسات أو تصحيح قراراتها وإجراءاتها؛ لأن المسؤول في تلك المؤسسة يظن أنه غير مراقب، وأنه باستطاعته أن يضمن سلامة ودقة إجراءاته الإدارية والمالية في عملية الفحص التي يقوم بها أعضاء دائرة الرقابة المالية والإدارية في محل عمله، بعدما تصبح أعمال الرقابة والتفتيش روتينية، يدركها المسؤول قبل موظف الرقابة.

ولكي يصبح عمل الجهاز أكثر دقة وتأثيرا في مسار عمل المؤسسات الخاضعة لرقابته، فإنَّ ذلك يتطلب أن يفتح الجهاز أبوابه للشكاوى الشخصية لكل مواطن ومقيم يتعامل مع المؤسسات العامة، ويرصد أولاً بأول ما يرد إليه من شكاوى من مسؤول المؤسسة أو الموظفين أو الإجراءات أو أي محاولات لاستغلال مقدرات المؤسسة لتحقيق مصالح شخصية، ويتثبت أعضاء الجهاز بطرقهم الخاصة من الشكاوى ومصداقيتها، وهي بلا شك مؤشرات موضوعية ستسهم في تقدم البلاد والحفاظ على المكتسبات. ومتى ما تبين خلل في أداء المؤسسة بناء على الملاحظات والشكاوى المتكررة من المواطنين، يتحرك الجهاز في هذه المرحلة باستجواب مسؤول المؤسسة في المحافظة أو الولاية التي توجد فيها، ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المسؤول متى ما ثبت أنه لم ينفذ قرارات أو اتخذ إجراءات غير قانونية، ولو عمل الجهاز بهذه المنهجية، لاستشعر كل مسؤول في المؤسسة حجم الأمانة المُلقاة على عاتقه، وحسب بكل دقة خطواته الإدارية والمالية، ولاختار في مؤسسته من يُعينه على تحقيق مصالح المواطنين، وليس مصالحه الشخصية.

إذن.. لماذا لا يُلتفت بشكل كامل إلى شكاوى المواطنين من المؤسسات الخدمية ومسؤوليها وموظفيها، حتى نضمن أن تظل مؤسسات الدولة تعمل بكفاءة وجودة استنادا إلى أحكام القانون والتزاما بالنظام الأساسي للدولة.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت.

saif5900@gmail.com