حرية الكاتب ومقص الرقيب

 

مسعود الحمداني

(1)

حين يهم الكاتب العربي بكتابة ما يود، يتراءى له في ذهنه ألف رقيب ورقيب، يُخرجون له ألسنتهم، وينظرون لعقله بازدراء، ودونية، فيقص هذه الكلمة، ويُغيّر تلك العبارة، ويخفف من وقع تلك الجملة، ويصير ـ من حيث لا يدري ـ أكثر شراسة من الرقيب الحقيقي على كتابته..

إنه في نظر الحكومات كاتب غير حر وقاصر، لا يُسمح له بالطيران دون (أبٍ) أو رقيب.

(2)

من الغباء الاعتقاد بأنَّ الرقابة أصبحت ذات فاعلية كبيرة في زمن التكنولوجيا، وتدفق المعلومات، من يعتقد ذلك فكأنه يعيش في الطرف الآخر من الغابة، يجب الاعتراف بأنَّ ما يتم منعه، يصبح هو الأكثر رواجًا ومبيعًا حتى ولو كان رديئًا، لا شيء يوقف التطور الإنساني، ولا شيء يقف في وجه الفكر، والمعلومة، إنه زمن يسحق المجتمعات المنغلقة، ولا يحترم الواقفين على بوابة الخوف من الكلمة..

تعلّموا ذلك، وعلّموه لأولادكم.

(3)

(كلما قص الرقيب يد كاتب، نمت في كفه ألف أصبع..)

هذا ما أثبته التاريخ، وهكذا نهضت الأمم.

(4)

المشكلة أحياناً ليست في الحكومات التي تمنع ما لا يروق لها، المشكلة في المجتمعات المتخلفة التي تعتقد أنها غير قادرة على العيش دون رقيب، وتقوم بدور وزارات الإعلام..

إنها شعوب تمارس قمع نفسها بنفسها.

(5)

معرض مسقط للكتاب سوق مفتوحة للأفكار، ولعله الأقل منعاً للكتب على مستوى معارض الكتاب الخليجية، ورغم ذلك فالإصدار الذي يتم منعه، يُباع من تحت الطاولة، وأحيانًا من فوقها، ولا عزاء للرقباء.

(6)

سقطت أقنعة بعض المُثقفين الذين ملأوا العالم ضجيجا بكتاباتهم، فإذا هم يسقطون في أول حفر الخلاف..

المثقف الذي لا يحترم الرأي الآخر يتحوّل تدريجياً إلى ديكتاتور كبير.

(7)

عندما (يقع) الكتاب تحت سطوة رقيب لا يجيد القراءة، (يسقط) الكاتب بالضربة القاضية.

(8)

هناك رقابة تحاسب النوايا..وهذه أخطر أنواع الرقابات وأكثرها وحشية..إنها تغتال الكاتب دون أن تترك له فرصة للكلام أو الاعتراف بما لم تقترفه يداه.

دعوا الكاتب يُزهر كلمة كلمة..ثم راقبوه وهو يذبل!!

Samawat2004@live.com