شرارةُ حُبّ

رجاء البوعلي - السعوديّة


فجرٌ يشقّه الحُبُ
نصفين،
لن أراك جاثمًا على صدرِ الكونِ!
فالكونُ لهم، يتقاسمونه كرغيفِ خبزٍ أسمر
في صبحٍ بائسٍ
أو كأسِ نبيذٍ في مساءٍ سافرٍ سعيدٍ!
اللحظةُ يا صاحبي لا تنكسر!
لا تقدمُ الأضدادَ!
لا تمازجُ كلَّ سوائلِها!
اللحظةُ يا صاحبي!
كنهٌ موحدٌ!
فلا تراوغني
فتهوي!

ساعدني أن أمسكَ بالنهاياتِ
أكابرُ نقائضَ البشريةِ المتكدسةِ
في وجهِك العميقِ!
ساعدني أن أتقوى بوجودِك
في ذراتِ الهواءِ التي تلجُ إلى رئتِي!
ادفعني للحياةِ
لا تنازعْ النبضَ!
فيتوقف كلُّ الرنينِ
في أذنِ العالمِ!
كي لا أموت على صفائحِ البشرِ؛
خبئني للحظةٍ فاصلةٍ
أو انقلاباتِ القدرِ!
الموتُ يقتاتُ على الحياةِ؛
يأكلُ من وجوهِ الأحبةِ والأصدقاءِ والرفاقِ
لقد مات كثيرٌ من رفاقِي
على امتدادِ الطريقِ الطويلِ
يا صاحبي
لا تمُت!

خُذْ لوحةَ جدتِي
وكلمْها عندما أغيبُ
واحتفظ بها مع مقتنياتِ المعنى
الذي لا يفنى؛
ظننتُ أنّ الموتَ سرَقَها
أنكرتُه ضاحكة!
و لمّا التمّ البكاءُ على الفقدِ؛
أفقتُ من غيبوبةِ الوهمِ؛
دسستُ جسدي
في جدارٍ كان يسندني واقفةً!
بدأ الدمعُ يُجانب الحقيقةَ؛
لامسته بأصابعي؛ فعرفتُ
أنّه الرحيلُ المؤبدُ
جاء يشاطرُني لحظاتِي الخاصةِ،
فلقد سافرت لليقينِ
وخلّفَتنا وراءها عابرين في سبيلِ الحيرةِ
والسؤالِ المتينِ،
كبُر وجودُها! لم ينتصرْ الموتُ
في انتشالِها من بيتِنا!
تلاشت عن العيونِ
وامتلأ بها ناظري!
لازالت طريةً وشعرُها مبللٌ
بعد حمامٍ دافئٍ
لازالت ضحكتُها تريقُ وجهي
ليبتسم!
وضفائرُها المتعرجةُ على امتدادِ العمرِ
حافظت على بريقِها الحُرِ
جدتي
استنكرت ظلمَ النساءِ
قبل ميلادِ المعرفةِ!
عادلةٌ بسجيتِها
قبل ميلادِ الحريةِ!
أشرقت في زمن العُتمة
ترفضُ ألوانَ الكراهيةِ
فامتد ضوؤها عبرَ السنينِ

يا صاحبي!
اغفر لي استحضارَ الراحلين
عبر رسائلي،
فالحاضرُ لا يُثبت إخلاصَنا؛
لازال الميزانُ يهتزُ كي نعبرَ للآتي،
الأشياءُ حولنا لا تشبهنا!
إننا نبحثُ عن امتداداتِنا في الأرضِ
أو أصولِنا المتعاكسةِ على السماءِ
إننا نقصدُ وجودَنا
في الوجودِ

نتفقدُ الراحلين
في تفاصيلِ أصابعنا وخطوطِ أيدينا
قبل خمسة عشر عامًا ونيف
غادرني وجهها
ولا زالت نديةٌ في عروقِي!
كأنّها الوميض..
مُخلدةٌ في وجودِي
وأنت مُخلدٌ في الأملِ
لم تمُتْ جدتي!
فاخلد في المعنى
يا صاحبي
ولا تمُت أرجوك

تعليق عبر الفيس بوك