الوقاية.. الرقابة.. أم ماذا؟

 

زينب الغريبية

يشتكي بعض المراجعين من المواطنين للمؤسسات الصحية، من عدم وجود المستوى المطلوب من التشخيص والعلاج المتلقَّى، ويضطر عدد منهم إلى السفر للخارج حسب إمكانات الأشخاص لوجهات مختلفة من العالم، وأحيانا الأطباء أنفسهم ينصحون المرضى بالسفر، إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تطور لرعب أصاب الناس بوجود بكتيريا في المستشفى قد تفتك بالمريض الذي ألمَّ به مرضٌ ما أضعف مناعته.. والقصص تأتي متسارعة من هنا وهناك لتخبرنا عن هذا الوضع الحديث المقلِق.

قريبٌ لي يعاني من التهاب ظل لديه فترة، لم يستطع الأطباء في كل المستشفيات المرجعية الكبرى اكتشاف سببه، أو إيجاد حل يقضي عليه، ما بين فترة وأخرى ينام في المستشفى ليتلقَّى العلاج بالمغذيات والمضادات الحيوية ليخرج فترة وجيزة ويعود مرة أخرى في مستشفى مرجعي آخر، ولا يجد أكثر مما وجد سابقا، لم تنتهِ قصته هكذا، بل كانت نهايته مأساوية بأنْ ألمت به بكتيريا المستشفى وجسده في أدنى مراحل المقاومة، حيث ضعُفت مناعته من كثرة ما تلقى من مضادات حيوية، وإذا بالكتيريا خرجت على السيطرة؛ لأنها متمرِّدة على الأدوية بسبب أنها تعيش في المستشفى، وهذا ما وصل إلينا من معلومات من الأطباء.. وانتهت أيام محمد بالبكتيريا!!!

وأخبرني زميلٌ لي في العمل، بقصة أخيه خالد، الذي ذهب لأحد المستشفيات المرجعية الكبرى في مسقط، ليخرج ضرسه الذي ما عاد يطيق وجوده، وبعد يومين من إجراء عملية إزالة السن تعب خالد وشعر بإغماء وإنهاك، نقل للمستفى، دخل في عيبوبة، ورحل خالد..!! ما السبب؟ لقد ألمَّت به بكتيريا من أدوات الطبيب أثناء عملية إزالة السن، وصعدت البكتيريا لرأسه، وقد ظهرت نتيجة الزراعة والتحليل بعد رحيله، وانتهت أيام خالد بالبكتيريا!!!

إيمان.. عانتْ أيضًا من سِنها، وقد تمَّت إزالته في أحد المستشفيات المرجعية في إحدى المحافظات، ومنذ أنْ خرج السن لم تستطع النوم أو الأكل أو الحديث، أخذ الألم يزيد ويزيد.. عجبا زال الضرس ولكن الألم في ازدياد.. عادت للمستشفى لترى سبب ذلك، فإذا بقصة البكتيريا تظهر أيضا، حجزوا لها موعدا سريعا لعملية فتح في الفك العلوي والأنف لتطهيرها من البكتيريا الخطرة، لقد تم تدارك الموضوع بلطف من الله.. ياللهول، ألا نستطيع السيطرة على البكتيريا؟!

أمَّا قصة سمير، فينفطر لها القلب، عانى كثيرا قبل سفره إلى الخارج للعلاج، أصابه مرض السرطان الخبيث في فكه، وقد أجريت له هنا في أحد المستشفيات الكبرى عملية غير ناجحة؛ مما اضطره للذهاب لتدارك الموضوع وإعادة العملية في الخارج، انتهت العملية وكانت ناجحة، لكنه يحتاج رعاية طبية مكثفة، قضى شهورا في المستشفى، إلى أن طلب أبناؤه تحويله لمستشفى داخل البلد، ليسهل عليهم الوقوف إلى جانبه، فإلى متى سيظل في الخارج؟!

بالفعل، تم نقله في الطائرة بعناية خاصة، حتى وصوله للمستشفى المرجعي الكبير هنا، قضى ثلاثة أيام في حالة صعبة بسبب نقص مناعته، وظهر الوحش من جديد (البكتيريا) لتضرب ضربتها القاضية، وتحدد النهاية.. وانتهت أيام سمير بالبكتيريا!!!

لم تنتهِ القصص، ولن تنتهي مادمنا لم نعلن أنها تكاد تكون ظاهرة، ولابد من أخذ التدابير الصحية الوقائية ضدها، هل يصل العالم المتقدم إلى إنجازات دقيقة في اكتشاف الأدوية وتشخيص الأمراض ومحاربة أدق الكائنات، ونحن نقف "متفرجين" على البكتيريا لتحدِّد النهايات لكثير من المرضى بسبب نقص مناعاتهم بفعل الأمراض أو الأدوية التي يتناولونها؟!

ألا يجدُر بالأطباء وضع المريض بمجرد ملاحظة نقص مناعته في عزل، والاهتمام بكل دقائق التعقيم بما يخصه؟ أينتظر الطبيب أن يصل المريض إلى غيبوبة بسبب دخول البكتيريا لضعف التعقيم، أو وجوده مع مرضى يحملون العديد من الأمراض واستخدامه دورات المياه العامة للمرضى، وبعدها ينتبه الطبيب لأن يضعه في غرفة خاصة بالعزل؟!

ألا يجدر بالأطباء الاهتمام بتعقيم الأدوات المستخدمة في عمليات الأسنان وغيرها بشكل كافٍ وسليم؛ كي نتجنب مثل هذه الحوادث المميتة؟! أكان ينقص مستشفياتنا رعب الموت من البكتيريا؟! أم أننا نستسلم لها، لتصبح وتبقى النداءات تائهة كغيرها ممن تاه ولا يجد طريقه للخلاص؟ صحة المواطنين وحيواتهم أمانة لا يمكن المجازفة بها، سيما إن كان الموضوع من الممكن أن يوضع تحت السيطرة.