مكانة المرأة في الإسلام (2)

عيسى الرواحي

المرأة في الإسلام هي خليفة الله تعالى في الأرض كحال الرجل، وهي مخاطَبة بالتكليف، فلها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، والآيات الدالة على ذلك كثيرة يقول تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة:30)، ويقول تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (التوبة:71)، ويقول تعالى: "إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" (الأحزاب:35)، ويقول تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة:72).

وتتساوى المرأة مع الرجل في تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف في كثير من الأمور على خلاف ما كانت عليه من قبل، فلها حق الرأي والمشورة، ولها حق اختيار الزوج، بل إنّ رضاها ركنٌ أساسي لإتمام عقد الزواج، ولها كذلك حق خلعه إن اضطرت إلى ذلك، فعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا"، ويقول أيضا: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن".

ولها في الوقت ذاته حق التملك والبيع والشراء والعمل وطلب العلم، وفي السيرة النبوية نجد أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخصص جزءا من وقته لتعليم الصحابيات، كما ورد في السيرة النبوية مشاركة المرأة في المعارك بما يتوافق مع طبيعتها، بل إنَّ أول شهيد في الإسلام كانت امرأة، ألا وهي السيدة سُمية من آل ياسر، الذين بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة.

أما تلك الأمور التي اختصت بالرجل دون المرأة؛ فهي مراعاة لها وتقدير لظروفها الخاصة، وليس انتقاصا من مكانتها أو تقليلا من شأنها، وإنما العكس من ذلك تماما، فجعل القوامة للرجل دون المرأة مراعاة لطبيعة خلقتها التي يعلمها الله تعالى خالقها، وتخفيفا عنها ما لا تطيق بما أودعه الله تعالى في الرجل من صفات تحمل الأعباء والمشاق والتكاليف، يقول الله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" (النساء:34)

وهي في الوقت عَينه معفية من تحمل النفقات الزوجية والأعباء المالية إجلالا لقدرها ومكانتها؛ فكل ذلك يتحمله الرجل، وهو مسؤول عنها مهما بلغ فقره، ومهما كان غناها، فالزوج هو المسؤول عن الإنفاق على زوجته وخدمتها إلا أن يكون عونها له عن طيب خاطر، لذا فإن أرادت أن تكون سيدة معززة في بيتها، وزوجها يخدمها وينفق عليها ويكدح لأجلها وأجل أبنائها فذلك حقها، وواجب الزوج تجاهها أن تكون زوجته سيدة في بيتها غير مطالبة بتوفير المعاش ولقمة العيش.

وهي أيضًا معفية من واجبات عدة كُلِّف بها الرجل فقط كصلاة الجماعة وصلاة الجمعة وشهود الجنائز ووجوب الجهاد.

 ومراعاة لأحوالها أيضا وما قد يعتريها من حالات نسيان أكثر من الرجل، جعل الله تعالى شهادتها نصف شهادة الرجل؛ ليتحمل الرجل فيما بعد مسؤولية الشهادة كاملة، يقول الله تعالى: "...وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى..." (البقرة:28).

 فهل تظن المرأة بعد ذلك بشكل عام، والمسلمة على وجه الخصوص، أنَّها مهضومة الحقوق في الإسلام، مهانة القدر، والإسلام هو من رفع قدرها، وأعز شأنها وأكرم نزلها؟!

الأكثر قراءة