بين مُفتَرَقَيْن

ربى الحايك – دمشق - سوريا

 

من يغرف من كأسٍ فكرة، يمكنه أن يحيا..
من يشعل الضوء ببسمة، ينير ظلام القلب..
ومن لايحترفُ الودّ، ويرتدي ابتساماته حسب مايليق، ويتدرب على كلماته سيخرج ملتحفاً بالخذلان..
وإلا كيف يكون الفارق بين الإنسان وتقليده.. فالصورة ليست الحقيقة الوحيدة للإنسان.
**
مَنْ يستطع أن يُغري القلوب بقدرته لنزع تلاحمِ العطور عن حنجرةِ هذا الكون، فيتسلّل بقوة عاصفة، وخفّة لصّ، سارقاً ملامح وريدٍ ينبض بالحياة..
مَنْ يُمكنه أن يزرع إحساساً، ويحصد شعوراً.. هذا هو الحقيقة.
تتصاعد الأضواءُ مِن مخيّلة الوجوه العابرة..
هذا يكشفُ عن نفسه، وذاك عن وجهه.. وأمَّا الآخر فلا يكشف عن روحه التي ترتقي أمام أعيننا، لتدهشنا..
هكذا يكون الفارق بين الزيف والحقيقة.
**
كلما عصى الزمان على الإنسان تحجَّر الياسمين في الشريان، وتساقط شلال الشمس على هدير الوقت يمضي بقسوة خطى ملّت من الانحناء الإنساني النبيل..
وكلما عصى الزمان شرّعت الأوردة في انتزاع رقة الشعور..
وكلما تسارعت خيبة هنا، أو خذلان هناك إلى الذاكرة تغفو المشاعر أمام صورةٍ شُبِّهت بالإنسان، وغفت مع قسوة النبع عند الضفاف..
أشباه الإنسان تتمايل مع تفرّعات الغيم، لا مكان لها بين الجذور، على عكس النَّفَس المنعش لرائحة المطر معانقاً اخضرار العشب على وجه الأرض.
**
الجميع ينتظر، يمضي، يتأمل..  وللانتظار رائحة تشبه الأمنيات، ولاتشبه خيانتها..
 تتوالى الأيام، ويخرج الوقت من دقائقه مرِحاً مُخْضَرَّ الأحلام.
وأشباه الإنسان: ضيوفُ الوقت أسماءٌ دون معان، وبقايا الخُلُقِ الباقي في بعض ثوانينا أوّل الأقوال وبعيد الأفعال..!!
**
أشباه الإنسان: ضيوف الرحلة يخذلون الساعات بازدواجية صباحاتهم، وتفرّ منهم الدقائق دون أن يدركوا أن لا شمعة فرح ستضاء لهم في الأعماق ضحكة أخرى.
أشباه الإنسان: المقبلون وهم راحلون، هياكل تجتر أوهامها فتعلو أبواقها عاليا؛ بل يكونون أبواقا لهمس غيرهم..
أشباه الإنسان: آخر من يتمّ البحث عنهم في زمان العمل، وزحمة المدينة، وضياعهم من أنفسهم.. هؤولاء لايمكن لهم إلا أن يبقوا ضيوفا ثقيلي الفَهم على الفكرة..
أشباه الإنسان: هم أكثر من يمكن إزالتهم من مساحة الوقت، وإبعادهم عن مضامين الفرح والحزن..
أشباه الإنسان: هم الذين لا رهان عليهم لمستقبل، ولا استقبال لأجلهم ماهو مقبل..
يشبهون تماما الفكرة المسروقة من إبداعٍ آخر.. يعملون على زحزحة الكلمات والإتيان بمعان متشابهة عسى يمكنهم إسقاط الإعجاب عنوة عن النبض.. هؤلاء لا إبداع لديهم، إبداعهم الوحيد أنهم فكرة مسروقة من إبداع آخر..
**
يمضي المدّعون
دونما رائحة،
دونما بصمة للزمان..
يعبرون الأشياء، والأشكال
يتركونها فارغة إلا من فراغهم.  مؤكدين انفلاتهم من عروة القلب.
هم ليسوا كمن يعبرون الشعور،
يسقون الأيام أوقات الجفاف،
يملؤون الأعماق برائحة الفرح..
وإن مضوا يتمددون في الحنايا،
ويبقى مَن يُقاربهم في ظلال المعنى،
ناجين من المرادفات والمزايدات والأقنعة.
هو الفارق بين الإنسان وتقليده
**
يظنّ المنحدر أنه درب الصعود، وكل درجة على السلّم تعتقد نفسها ممراً للأعلى لا للأدنى.. يبتعد النقاء عن هذه الفكرة التي يعتَنِقُها العَكَر..
أظنه الفارق بين الإنسان وتقليده..

تعليق عبر الفيس بوك