شكرًا يوسف بن علوي

علي بن بدر البوسعيدي

على مائدة جامعة الدول العربية، مساء الأحد الماضي، قالها معالي يوسف بن علوي مدوِّية إن للعرب الحق في دفاعهم عن القضية الفلسطينية وعن القدس المحتلة؛ كونهم أصحاب حق، لكنهم يجب أن يتصالحوا مع أنفسهم، فالمداخلات والخطب التي أُلقيت ترفع النفس وتقوي النظرة للمستقبل، لكنها لا تكفي.

نعم "لا تكفي".. في ظل عناد صهيو-أمريكي لقلب الحقائق وتزوير التاريخ، وخدمة مصالح مشتركة لا تراعي للعرب إلًّا ولا ذمة.. فهذا الترامب المتغطرس الذي خرج على العالم كاشفًا الوجه الحقيقي لبلاده بمنح المحتل الغاصب حقًّا لم يمتلكه يومًا، ولن يمتلكه مستقبلاً، أحدث زلزالا ليس في الشرق الأوسط والعالم العربي فحسب، بل في العالم أجمع.

نعم "لا تكفي".. حتى تلك الـ"لا" الكبيرة، التي رفعها حكامنا ومسؤولونا، والمواطنون الذين يملأون الميادين في كل مكان، في وجه هذا التعنت والاستكبار، وبيانات الشجب والإدانة، المتمسكة بعربية القدس، واعتبارها خطًّا أحمر لا يجب المساس به.

نعم "لا تكفي".. فقد كتب ترامب بخطابه البائس، شهادة وفاة مفاوضات سلام كانت بلاده تعيق تمامها، أو الوصول بها إلى برِّ الأمان، بتحقيق سلامٍ عادلٍ، تراعي فيه طَرَف المعادلة الرئيسي أصحاب الأرض من أبناء فلسطين الأبية.

نعم "لا تكفي".. بعيدًا عمَّا تردَّد عن أن قرار ترامب المستفز تم بمباركة وتواطؤ ودعم بعض الدول العربية المؤثرة في المنطقة.

نعم "لا يكفي".. فالقدس لابد أن تظل بحروفها تمنح أصحاب القرار إشارات وعلامات لاتخاذ مزيد من الإجراءات، تضمن لمسيرة النصر أن تستمر، وللعلم الفلسطيني أن يرفرف على كل شبر من أراضيها الطيبة.

نعم "لا يكفي".. فالمشكلة ليست في سوء التفاوض، بل فشلٍ مخيِّب لأمة انشغلت بصراعاتها الداخلية، حتى ضعف وزنها الدولى، وأصبح العالم غير مُستعد للاستماع إليها؛ فالقرار الأخير ليس رسالة استخفاف واستهانة فحسب، بل إقرار بفشل عربي في التعامل مع القضية الفلسطينية.

نعم "لا يكفي".. نحتاج استجابات سريعة للصَّوت الأعلى اليوم في الميادين، سواءً في الداخل الفلسطيني، أو الشوارع العربية، وحتى في قَلْب كلِّ عربي ومسلم، ليس لإجبار واشنطن على سحب القرار، ففي رأيي أنه ربما لن يحدث، وإنما لاستعادة الهيبة والإمساك مرة أخرى بزمام الأمور في قضية مصيرية لـ287 مليون عربي، لن يهنأ لهم بال بعد اليوم أمام هذا التغول على أراضيهم.

لذا، شكرًا ترامب، فقد وحدَّتنا جميعًا..

ويا قدس لك العُتبى حتى تَرْضِي.. وأبشري، فعمَّ قريب سيتوقف العدوان يا لؤلؤة الأديان، وستُغسل الدماء من على الجدران.