لا تحزنوا الكويت..!

خلفان الطوقي

تستعد دولة الكويت لاستضافة القمة الخليجية السابعة والثلاثين؛ في توقيت زمني شكل ولا يزال تحديا كبيرا أمام إمكانية انعقادها من الأساس. ويسبق نجاح الكويت في لم شمل دول المجلس على مائدة القمة تلك الوساطات المتجددة والمتكررة التي قامت بها بتوجيهات أمير السلام صاحب السمو الشيخ صباح الجابر الصباح، على مدار الفترة الماضية تجاه العديد من القضايا الشائكة والمعقدة.

فالكويت تتتبر  إحدى أهم الركائز الأساسية في مسيرة مجلس التعاون الخليجي؛ ويبرز ذلك من الجهود الجبارة -وفي كل المجالات- منذ تاسيس المجلس عام ١٩٨١م؛ فالمواطن الخليجي على سبيل المثال لا يمكنه أن ينسى الأغاني والأوبريتات والبرامج التليفزيونية والمبادرات الخليجية المشتركة المختلفة، التي كانت دولة الكويت رائدة فيها وتتبنى معظمها؛  إدكانت مؤمنة بأبعاد التكامل الخليجي منذ البداية وإلى يومنا هذا، بل والمستقبل ايضا، فهي تعي العوامل المشتركة فيما بين دول الخليج من عادات وتقاليد وجيرة وقربى وتاريخ ودين ولغة؛ وتعي أيضا مصطلح المصير المشترك؛ فإما أن نحيا معا؛ أو نهلك معا.

أكملت دولة الكويت استعدادات استقبال دول قمة 2017، وتزينت بأحلى حلة لإيمانها بأهمية الحدث، خاصة والشرق الأوسط يمر بمرحلة عصيبة بسبب اختلاف المعطيات هذه المرة، حيث إن الخلافات في السابق كانت خارج البيت الخليجي الواحد؛ فهذه المرة الوضع مختلف تماما؛ لذلك فالتعاطي معه سيكون مختلفا أيضا، فالقمة هذا العام لا يجب أن تكون اعتيادية؛ بل تعتبر استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ليس للقادة أو المجالس الاستشارية فقط، بل للمواطن الخليجي.

 قمة الكويت هذه المرة يعتبرها المواطن الخليجي قمة مفصلية؛ خاصة وأنه يرى نفسه أمام خيارين؛ الخيار الأول أن لا يتم راب الصدع الذى حل بنا؛ أو اللجوء إلى الخيار الثاني وهو تجاوز بعض الخلافات التي طرأت في بعض القضايا؛ ويعي المواطن الخليجي أن لكل خيار نتائج معينة، فالخيار الأول نتائجه ستكون مزيدا من التلاسن وحيك الفتن واستمرار المؤامرات الدخيلة والحملات الشريرة ونسف الجهود المخلصة التي استمرت لأكثر من ٣٦ عاما؛ وإما الرجوع إلى طاولة الحوار والنقاش الهادئ والبحث عن نقاط التلاقي وتقديم التضحيات للوصول إلى الحلول المرضية من جميع الاطراف من خلال وساطات خليجية محايدة.

الكويت وشعبها مسرورون بإقامة القمة في موعدها؛ لكن معظم المواطنين الخليجيين يأملون أن تكتمل فرحتهم بتجاوز الخلافات البينية في البيت الواحد والعائلة الواحدة، ويرى أن هذه القمة هي فرصة ذهبية يمكنها أن تحقق له التقدم والتطور والتقارب بين الشعوب؛ وتطوير الخدمات المقدمة للمواطن الخليجي أينما كان؛ وتكامل الاقتصاديات، ورفع حجم التبادل التجاري فيما بينهم، وارتقاء مستوى المواطنة الخليجية؛ والاستفادة من الثروات الخليجية لتنمية العنصر البشري الخليجي.. هذه ليست أمنيات الكويت وحدها، وإنما تمتد إلى أمنيات كل مواطن خليجي؛ فلا تحزنوا الكويت ؛ ولا تحزنوا المواطن الخليجي؛ فالدول لا تتطور بالتلاسن والخلافات المستمرة المنهكة؛ بل بتجاوز هذه الخلافات، واستمرارية الجهود المخلصة والبناء عليها.