قابوس.. سلطان صاحب رسالة

سيف المعمري

الزائر للسلطنة خلال هذه الأيام يلحظ الفرحة الغامرة التي تعيشها بلادنا العزيزة من مسندم شمالا حتى ظفار جنوبا، فرحة تترجمها المشاعر الصادقة للعُمانيين والمقيمين على أرض السلطنة، والتي تتجلى في كل مفردات الحياة اليومية؛ فالمؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية، والمباني التجارية، ومنازل المواطنين والمقيمين، اكتست بعلم السلطنة وصورة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- حركة دؤوبة تشهدها المراكز التجارية ومحلات تزيين السيارات، أشكال متنوعة لكعك الحفلات تتزين بها المخابز ومحلات بيع الحلويات، انتظار بالساعات، وحجوزات، وطلبيات تزداد يوما بعد آخر خلال شهر نوفمبر المجيد، لا حديث للناس صغارا وكبارا، رجالا ونساء، عُمانيين ومقيمين سوى عن فرحة العيد الوطني السابع والأربعين المجيد.

الكل يترقب الإطلالة السامية لجلالته في الثامن عشر من نوفمبر، لتنطلق بعدها الاحتفالات الكبرى بالعيد الوطني السابع والأربعين المجيد؛ فالثامن عشر من نوفمبر ليس هو عيدنا، بل وجود قابوس في قمة الهرم العُماني يجعل من أيام عُمان أعياد ومسرات.

أي حب، أي تقدير، يوازي حب العُمانيين لقابوس!! ما الذي زرعه قابوس في التربة العُمانية لتزهر حبا، أهو سلطان، أم صاحب رسالة؟! إن حب قابوس لعُمان وشعبها لا يوازيه حب، هو سلطان صاحب رسالة، وقد عبر جلالته في أحد لقاءاته الصحفية لجريدة السياسة الكويتية عام 2006.. قائلا: "إن متعتي هي أن أرى بلدي وأرى شعبي بالصورة التي تخيلتها من أول يوم تسلمت فيه السلطة... إنني أشعر بأنني صاحب رسالة ولست صاحب سلطة؛ لذلك ترى وقتي مكرسا من أجل عُمان وأهلها، ولعل سر الولاء يكمن هنا في هذه الناحية وتحديدا ناحية تماثلك بأهلك وتفرغك للعمل من أجلهم..".

إن المتأمل لمسيرة البناء الشاملة التي عمت عُمان منذ ميلاد الثالث والعشرين من يوليو المجيد عام 1970، تستوقفه تلك الرؤية الثاقبة لجلالته وسمو رسالته لاستنهاض همم المجتمع العُماني وقيادته للمشاركة الفاعلة في بناء الدولة العصرية، ولقد أنفق جلالته جل وقته من أجل تحقيق تلك الرؤية، فطاف البلاد شبرا شبرا، لم تزده تباين التضاريس العُمانية وقسوتها إلا إصرار وعزيمة أكبر نحو بلوغ غايته السامية، كان يستمع لكل مطالب شعبه، وعدهم بالوفاء بمطالبهم، فتحقق الوعد وأنجز، وعدهم بأن يعيد لعُمان ماضيها التليد، ويجعل منها منارة للتواصل الحضاري ولمد جسور المحبة والوئام مع كافة أقطار العالم، فتلألأت عُمان بمواقفها الثابتة أمام العالم بمساهماتها الإيجابية تجاه العديد من القضايا الدولية المعقدة.

إن السلطة والقيادة لم تنسِ جلالته -حفظه الله ورعاه-  شخصيته الإنسانية، فأكد في أولى خطاباته بأنه يمد يده لكل المواطنين من أجل التعاون والمشاركة لبناء عُمان، وإسعاد شعبها وإعادة بريقها الوضاء بين الأمم، كما كانت رؤية جلالته واضحة في السياسة الخارجية، وهو ما أكسب عُمان احترام المجتمع الدولي، ووثقت بها جميع الدول بلا استثناء، وما مساهمات السلطنة في الاتفاق النووي الإيراني مع دول (5+1) إلا خير برهان على تفوق الدبلوماسية العُمانية، ورسوخ مبادئها الإنسانية التي تنطلق من أسس ثابتة قوامها الاحترام المتبادل، والتعايش السلمي ونبذ الخلافات بين الدول والمجتمعات بالحوار، وتبادل المنافع المشتركة.

وإن كانت عُمان وشعبها تشغل الاهتمام الأكبر لجلالته، فقد حق على كل العُمانيين أن يكونوا بحجم الاهتمام السامي بهم، وأن يترجموا محبتهم وتقديرهم لجلالته من خلال الأخذ بزمام المبادرة للمساهمة بكل ما أوتوا من جهد من أجل السمو بعُمان إلى مراتب العلا.

كثيرًا ما كُنا نستمع إلى تلك العبارة التي تتردد في أوساط المجتمع؛ وهي: "إنه سيأتي زمن يفخر كل عُماني بعُمانيته، ويتمنى من هو غير عُماني، أن يكون عُمانيًا"، وها هو الزمن قد أتى، ونقول اليوم للعالم -بصوت عال- إننا نفخر بعُمانيتنا، ونفخر بسلطاننا، نفخر بعُمان لأنها الحضن الآمن الذي لا يساومه أي بلد في العالم، نفخر بقابوسنا لأنه جعل كل شعوب الأرض تنحني للعُمانيين حبا وإجلالا.

لم يكُن أن يتحقق ذلك للعُمانيين لولا بُعد نظر قيادتنا الحكيمة، والتي كانت ولا تزال قيادة واعية متأنية، وثابتة على مبادئ إنسانية راسخة الأركان؛ فحُق أن تكون عُمان أيقونة للسلام العالمي، فهنيئا لعُمان قابوس، وهنيئا لقابوس عُمان وشعبها.

كل عام وعُمان بخير، ونسأل الله أن يبارك لنا في عمر قابوسنا....،

Saif5900@gmail.com