المستشفى السلطاني ينجح في إجراء زراعة كبد لأول مرة بالسلطنة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

≤ وزير الصحة: الإنجاز مرحلة فاصلة في تاريخ خدمات الرعاية الصحية بالسلطنة

مسقط - الرؤية

استطاع المستشفى السلطاني تحقيق إنجاز نوعي يعدُّ الأول من نوعه في مسيرة الرعاية الصحية بالسلطنة؛ يتمثل في زراعة كبد لمريضة تعاني من تليف وورم سرطاني في الكبد.

وقام معالي الدكتور أحمد بن محمد بن عبيد السعيدي وزير الصحة، أمس، بزيارة للمستشفى السلطاني من أجل الاطمئنان على صحة المريضة التي أجريت لها عملية زراعة الكبد لأول مرة بالسلطنة، من قبل الجراح العالمي د. محمد ريلا وهو أحد أبرز جراحين زراعة الكبد على الصعيد الدولي، بالتعاون مع طاقم طبي من المستشفى السلطاني يتألف من الدكتورة نادية بنت عبدالله الحارثية استشارية أمراض الكبد والجهاز الهضمي، والدكتور أحمد بن محمد الكندي استشاري أول جراحة كبد بالبرنامج الوطني لزراعة الكبد، والدكتور سليمان المعمري استشاري جراحة كبد، والدكتورة رملة القصاب استشارية أولى تخدير، إضافة للكوادر الطبية المساعدة والتمريضية من مختلف الأقسام الطبية، كما قام بزيارة المتبرع لها بالكبد برفقة عدد من المسؤولين والكادر الطبي بالمستشفى.

وفي تصريح لمعالي وزير الصحة، قال: يعد الإنجاز النوعي مرحلة فاصلة في تاريخ خدمات الرعاية الصحية بالسلطنة، فمنذ ما يقارب العشر سنوات الماضية كان مرضى الكبد يتم ارسالهم لزراعة الكبد خارج السلطنة؛ لذا أتت هذه الخطة الإستراتيجية بالتعاون مع أحد المستشفيات بجمهورية الهند الصديقة من أجل إدخال خدمة زراعة الكبد بالمؤسسات الصحية بالسلطنة، وتكللت العملية الأولى بالنجاح، ويعد هذا الإنجاز أحد أبرز الإنجازات الطبية خلال السنوات الماضية، كما يشرفني أن أتوجه بالشكر للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -يحفظه الله ويرعاه- على دعمه الدائم للقطاع الصحي.

وشجع معاليه أفراد المجتمع للإسراع بالتسجيل في البرنامج الوطني للتبرع بالأعضاء لإجراء مزيد من العمليات التي من شأنها أن تنقذ أرواح المرضى.

وفي الصدد، أوضح الدكتور قاسم بن أحمد السالمي مدير عام المستشفى السلطاني بأنه "في بادئ الأمر نتوجه بالحمد والثناء لله سبحانه وتعالى على سلامة المريضة، ومنته علينا بنجاح أول عملية زراعة كبد في أرض وطننا المعطاء". وأضاف: إن هذا الإنجاز الطبي التاريخي الذي شهده المستشفى السلطاني ليس وليد هذه اللحظة، بل نتاج جهود مضنية بذلت على مدار عامين متواصلين تخللها ابتعاث طاقم طبي من المستشفى للتدريب في إحدى أرقى مؤسسات زراعة الكبد على مستوى العالم، وتوفير أحدث المعدات والأجهزة الطبية المستخدمة في هذا المجال، فضلاً عن استقبال بيوت الخبرة العالمية للإطلاع على استعدادات المستشفى السلطاني لتدشين عمليات زراعة الكبد.

وأشار إلى أن نجاح عملية زراعة الكبد للمريضة دافع للمضي قدماً نحو توسعة وتطوير هذه الخدمة العلاجية بالمستشفى السلطاني؛ لتشمل تدشين عمليات زراعة الكبد للأطفال في العام المقبل بمشيئة الله سبحانه وتعالى.

وبدوره، قال البروفيسور محمد ريلا: قمنا بالتعاون مع أطباء عمانيين من المستشفى السلطاني بعملية زراعة الكبد من متبرع لوالدته التي تعاني من مرض في الكبد، وتمت العملية بتضافر جراحي معهد تشيناي بالاضافة للكوادر الطبية وأطباء التخدير وإخصائيي العناية المركزة بالمستشفى السلطاني. وأعرب عن إعجابه بكفاءة الطاقم الطبي من حيث التشخيص والعلاج، وأنه سيستمر بدعمه في السلطنة حتى يتمكنوا من إجراء العملية بشكل مستقل.

كما أكد الدكتور أحمد الكندي والدكتور سليمان المعمري، أن عملية زراعة الكبد تجرى على مرحلتين؛ هما: ما قبل إجراء العملية ومرحلة زراعة الكبد للمريضة بحيث تتلخص في الآتي: قبل إجراء العملية يخضع المتبرع للعديد من الفحوصات الطبية؛ أبرزها: التحقق من مطابقة فصيلة الدم المتبرع والمستقبل، وقياس حجم كبد المتبرع والتأكد من سلامته، علاوةً على إجراء فحوصات شاملة للمتبرع للاستيضاح من سلامته من الأمراض المزمنة والمعدية، بعدها تأتي مرحلة زراعة الكبد وتتمثل في إجراء رسم دقيق لكبد المتبرع، ومن ثم استئصال ما بين 60%-65% من كبد، بعد ذلك يتم استئصال كلي لكبد المريضة، وأخيراً يتم توصيل كبد المتبرَع به بالأوردة الدموية والقنوات المرارية بجسم  المريضة.

وأكدت الدكتورة رملة القصاب أن أبرز التحديات التي تواجه تدشين برنامج عمليات زراعة الكبد في أية مؤسسة صحية؛ هي: توافر أطباء جراحة يمتلكون المهارة والدقة المتناهية، وامتلاكهم الخبرة والدراية التامة في مجال أمراض الكبد وأسس علم التشريح له، هذا إضافة لأهمية توافر طاقم طبي متكامل مُكون من أطباء جراحين الكبد، وأطباء أمراض الكبد، وأطباء وفنيين الأشعة والمختبرات، وأطباء التخدير، وكادر تمريضي متخصص.

وأضافت الدكتور نادية الحارثية بأن عملية زراعة الكبد للمرضى علاج ناجع للذين يعانون من تليف وأورام وفشل مزمن في الكبد، كما تُجنب المرضى تكبد عناء السفر إلى خارج السلطنة لإجراء عملية زراعة الكبد -التي تتكفل بها وزراة الصحة بكافة المصاريف- والبقاء بعيداً عن الوطن لفترة طويلة قد تمتد ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر.

وقالت نصرة بنت سالم الهاشمية نائبة مديرة التمريض: نشعر بالرضا عن التقدم الإيجابي لحالة المريضة والمتبرع؛ فقد كانت هناك استعدادات كثيرة من الطاقم التمريضي، قبل إجراء العملية تكمن في تجهيز غرفة العمليات وتجهيز المتبرع والمريضة قبل يومين، وكذلك متابعتهما سواء في العناية المركزة أو عند انتقالهما لجناح الجراحة، ونشيد بدور الطاقم الذي تعامل مع الحالة لأول مرة بمنتهى الحرفية والعناية متمنين لهما دوام الصحة.

هذا.. وقد أعربت المريضة فاطمة عن شكرها وتقديرها لكافة الكوادر العاملة بالمستشفى السلطاني.. قائلة: يشرفني في البداية أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى كافة الكوادر الصحية التي أشرفت على عملية زراعة الكبد يتقدمهم الدكتور محمد ريلا، والدكتورة نادية الحارثية، والدكتور أحمد الكندي، والدكتور سليمان المعمري، والدكتورة رملة، وذلك على حسن الرعاية والاعتناء بي خلال فترة الفحوصات الطبية، ووصولاً إلى مرحلة إجراء عملية زراعة الكبد.

وقال نجل المريضة المتبرع أحمد: لله الحمد على نجاح العملية، ووضع حد لمعاناة والدتي من تليف الكبد والأورام السرطانية المصاحبة له، وقد حتم الواجب الإنساني علي المبادرة بالتبرع بجزء من الكبد، وهو شعور نابع من تشجيع عائلتي، وثقتي بالكادر الطبي المشرف على عملية زراعة الكبد، كذلك أود التنويه بأن الكبد ينمو مرة أخرى، ويعود إلى حجمه الطبيعي في فترة زمنية لا تتعدى  6 إلى 8 أسابيع، علاوةً عن تأكيدات الدراسات والأبحاث الطبية بأن نسبة 20% من الكبد قادرة على أداء كافة الوظائف الحيوية في الجسم؛ لذلك أوجه الدعوة لأفراد المجتمع للمضي قدماً نحو التبرع إذا ما استدعت الحاجة للمساهمة في إنقاذ حياة المرضى وإعطاء الثقة لمؤسساتنا في تقديم العلاج.

أما مشرفو طاقم التمريض المتخصصين في زراعة الكبد، فقد أشرفوا على العناية بالمريضة على مدار 12 ساعة بالتناوب، وهو أمر استثنائي مراعاة لظروف المريضة الصحية، وتأكيداً على إنسانية هذه المهنة التي تعمل في مختلف الظروف، كما كان لطاقم التمريض دور حيوي في الرعاية الصحية الإكلينيكة للمريضة بعد إجراء العملية، طوال الفترة التي كانت موجودة بها في العناية المركزة وتقسيمها فيما بينهم، من حيث متابعة جهاز التنفس الاصطناعي ومتابعة تناول المريضة لأدوية المناعة، ومتابعة أنزيمات الكبد بعد العملية.

تعليق عبر الفيس بوك