تسهيل الخدمات الحكومية

 

 

علي بن بدر البوسعيدي

 

رغم ما تبذله الحكومة الرشيدة من جهود لتسهيل الخدمات في المؤسسات الحكومية وتيسير حصول المراجعين على الخدمة بأعلى درجة ممكنة من الجودة والسرعة في الوقت نفسه، إلا أن بعض الجهات لا تزال تواجه تحديات في تحديث منظومة العمل لديها، وتتأخر في إنجاز المعاملات، وهو ما يتسبب في تعطيل مصالح المواطن.

فالمواطن إذا ما أراد الحصول على تصريح لإنشاء مشروع استثماري، عليه أن يذهب إلى العديد من الجهات والتي قد يجد صعوبة في التواصل معها خلال فترة قليلة، فيجد نفسه محاصرا بين موعد في وزارة ما يوم الأحد، وبعدها بأربعة أيام موعد آخر في وزارة أخرى، ومن ثمّ يعود بعدها إلى الوزارة الأولى، وهكذا دواليك، حتى إنّ تخليص معاملة بسيطة ربما لا تحتاج أكثر من يوم عمل، يستغرق إنجازها قرابة الشهرين والثلاثة، وسيزداد الحظ سوءًا لو كان المواطن من ولاية خارج مسقط، فسيجد نفسه مضطرًا للسفر يوميا إلى العاصمة لإنجاز عمله، وبذلك يكون قد أهدر الوقت والجهد في تخليص ورقة أو معاملة.

ومن هنا نتساءل: إذا كان ذلك حال المواطن الذي يريد أن ينجز معاملة واحدة، فما بال المستثمر الأجنبي الذي تسعى البلاد لجذبه كي يضخ أمواله في السوق المحلية؟ أليس من الأجدى أن تقدم مؤسسات الدولة التسهيلات والخدمات للجميع؟ ألا يجب أن يتم تقليص فترة إنجاز المعاملات؟ ألم يحن الوقت كي تدشّن كل مؤسسة وكل وزارة مكتبا واحدا لإنجاز المعاملات، بدلا من تنقل المتعاملين بين مكاتب الموظفين؟!

كلها أسئلة تحتاج إلى إجابات من المسؤولين وصناع القرار، وأن يضعوا الحلول الكفيلة بتخليص المعاملات في أقل وقت ممكن وبأدنى جهد مبذول.

لذا نقترح أن يتم دمج عدد من الخدمات الحكومية بين الوزارات، بحيث من يذهب إلى وزارة واحدة يستطيع أن ينجز خدمة تحتاج أن يذهب صاحبها إلى أكثر من وزارة وهيئة.

ونضرب مثالا بذلك أن يتم التعاون بين وزارة البيئة والشؤون المناخية وغيرها من الوزارات التي تتطلب المعاملة فيها الحصول على موافقة بيئية، مثل إقامة المشاريع الصناعية أو أي مشروع يحتاج إلى موافقة بيئية. وكذلك تقديم خدمات مشتركة بين وزارتي البيئة والبلديات الإقليمية وموارد المياه، وهو ما سيعزز سرعة إنجاز المعاملة.

على الوزارات والمؤسسات المعنية بالقطاع التعليمي أن تتعاون فيما بينها لإنجاز المعاملات في موقع واحد وعبر نافذة واحدة موحدة، تسهل على المتعاملين، لاسيما وأنهم في هذا المجال طلاب، ربما لا يستطيعون القيام بكل التحرّكات التي يتطلّبها تخليص المعاملة.

نقترح كذلك تقديم خدمات مشتركة بين وزارة الإسكان ووزارة البلديات الإقليمية، والحال كذلك بين وزارة التراث والثقافة ووزارة السياحة والهيئة العامة للصناعات الحرفية، فيما يتعلق بالحرف والأعمال التراثية، وما يصاحبها في هذا المجال. أيضا يمكن دمج الخدمات المقدمة بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مع وزارة العدل.. وهكذا.

علينا أن نفكر خارج الصندوق، وأن نطرح على الدوام أفكارا غير تقليدية، وهو ما يساعد على توفير الوقت والجهد على المتعاملين، ويخفض النفقات الحكومية وعدد ساعات العمل في المعاملة الواحدة.

إننا ندعو صناع القرار والمسؤولين إلى مواصلة التطوير والتحديث على أن يشمل ذلك آلية العمل، وليس فقط المباني أو الأجهزة الإلكترونية، نعلم أنّ هناك قدرا كبير من التطوير والتأهيل للكوادر الوطنية لكن أيضا يجب دعمهم وتقديم الحوافز لهم لإنجاز المعاملات.. والله ولي التوفيق.