المرأة القيادية

 

راشد بن سباع الغافري

 

لطالما جاء التاريخ في أمهات كتبه بسير الكثير من النساء اللائي كان لهن دور بارز في تغيير مجرى التاريخ، وكان لهن الدور المؤثر في أوطانهن وبلدانهن، فهناك الملكات اللاتي حكمن، وهناك الأميرات اللائي أثرن، وهناك القياديات اللاتي خضن المعارك وكان لهن قرار الحسم في كثير من القضايا المصيرية.

وعُمان كسائر الأمم وبلدان العالم كانت لنسائها أدوار قيادية وعلمية وفقهية ومناصب عالية ومكانة رفيعة على مر التاريخ.

وقد نالت المرأة اليوم ثقة سامية، هذه الثقة جاءت تأكيدا لدورها وامتدادا لأمجادها وتفعيلا لعطائها الذي أثبتته بكل جدارة على مر العصور.

فأصبحت المرأة اليوم تسطر صفحات مجد راقية من خلال المناصب التي وصلت إليها وذلك بدعم واضح من سياسات آمنت بأنَّ المجتمع العماني لابد أن يحلق بكلا جناحيه نحو آفاق المستقبل ورحابته، ولهذا بات لدينا الوزيرة والوكيلة، والقائدة الشرطية والأمنية، والعضوة البارزة في المجالس المجتمعية والأكاديمية، وصاحبات الأعمال ورائداته.

وحديثي اليوم من خلال هذا المقال أخصصه لأخت عزيزة ومعلمة فاضلة وقائدة متمكنة هي الأستاذة موزة بنت خالد اليحيائية رئيسة لجنة كتاب وأدباء محافظة الظاهرة صاحبة القلم المتمكن والفكر الخلاق.

وما اختياري لها هنا إلا لأني أجدها قيادية ذات همة عالية، ومثقفة ذات حضور تربوي راقٍ، ومن خلال شخصها الكريم بدأت الخطوات الحقيقية لإشهار فرع للكتاب والأدباء بمحافظة الظاهرة يتبع للجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وهو حلم لطالما راود أدباء وكتاب الظاهرة والمعنيين بالثقافة في هذه المحافظة، هذا الحلم الجميل بات قاب قوسين أو أدنى من التحقق، ويعزى لهذه المرأة الفضل في ذلك بعد توفيق الله عز وجل.

فكم كان لها من اتصالات وصولات وجولات في سبيل ذلك، موظفة حضورها الاجتماعي وعلاقاتها الراسخة بكثير من الجهات والأفراد في خدمة هذا المسعى، وقد عملت جاهدة لتوظيف إمكانيات الشباب المثقف في المحافظة من شعراء وكتاب من خلال العديد من الفعاليات والأنشطة الهادفة في ولايات الظاهرة الثلاث لإثبات أنهم أهل ليكون لهم فرعهم الخاص من الثقافة والأدب وأن إنتاجهم الأدبي والثقافي يستحق الظهور والمتابعة.

وأينما ذهبت هذه القائدة وحلت كانت اللجنة هي شغلها الشاغل حاضرة معها أينما يممت وجهها، وللتدليل على ذلك فقد عادت من صلالة إلى المحافظة قاطعة رحلة أسرتها الترفيهية في خريف صلالة من أجل تنظيم أمسية "عماني أنا" بمناسبة يوم النهضة المباركة، والتي كانت برعاية السيد إبراهيم البوسعيدي محافظ البريمي وبحضور المهندس سعيد الصقلاوي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء الذي زف في كلمته بشرى افتتاح الفرع عمَّا قريب، وبعد انتهاء الأمسية عادت إلى صلالة مرة أخرى، ليُفاجأ أعضاء اللجنة بأنها نسقت لهم لأمسية شعرية ضمن فعاليات مهرجان صلالة والتي أقيمت مساء الجمعة الرابع من أغسطس بمشاركة الشاعر الكبير عبدالله بن مدهل المهري .

هكذا عرفنا هذه المرأة ذات عطاء غير محدود، ولهذا تسمو مكانتها بين أبنائها وأخوانها في لجنة كتاب وأدباء الظاهرة.

 وما زلت أذكر حديثي معها في أمسية عماني أنا عندما طلبت منها أن تحجز لها كرسيا قبل دخول راعي المناسبة خوفًا من ألا تجد مقعداً في الأمام عندما يبدأ المدعوون بشغلها، مؤكداً لها في ذات الوقت أننا سنهتم بالضيف!!

 فما كان منها إلا أن رمقتني بنظرة وهي تقول بنبرة الواثقة من نفسها: أنا تربية رجال وأخت رجال ولسوف أرافق الضيف بنفسي وأجلس بجانبه.  لحظتها تيقنت أنني أقف أمام امرأة ليست كأي امرأة.

 ولهذا وغيره ندعو المثقفين والمسؤولين بالمحافظة للتعاون مع هذه المرأة القيادية، وندعوهم لدعم إخوانهم وأبنائهم في هذه اللجنة ليحققوا للمحافظة وأبنائها ما يصبون إليه من مكانة ثقافية وأدبية بين أقرانهم من أدباء ومثقفي محافظات السلطنة، كما ندعو أصحاب القلم من أبناء محافظة الظاهرة ممن يملكون القدرة والموهبة في مختلف أنواع الأدب والثقافة إلى سرعة الانضمام لهذه اللجنة والانتساب إليها ليفيدوا ويستفيدوا، فالإنسان منِّا كما يقال قليل بنفسه كثير بإخوانه.

وبالعودة مرة أخرى إلى المرأة فمن الطبيعي أن تتفاوت قدرات النساء وإمكانياتهن، فكما توجد المرأة التي تمكنت من قيادة بلدان والسُّمو بأمم ونجحت في ذلك، فإن هناك من النساء من لم تتمكن حتى من قيادة بيتها وفشلت في ذلك فشلا ذريعا، وحتما فإن مثل ذلك الفشل مما يؤدي إلى تفكك وضياع البيت ومن فيه.

 والمرأة في حجم تلك القدرات وتفتاوتها حالها في ذلك كحال كثير من الرجال. فكما هناك رجال هناك أيضاً أشباه رجال، ولهذا توصف بعض النساء بأنهن بألف رجل ولا غرابة!!

لذلك نقول "عندما تقودنا امرأة" من طراز أم شما فلا شك أن الطريق معها يتجه إلى مزيد من الإبداع والكثير من التفوق، أقول هذا بلغة الواثق فهنيئاً لعُمان أمثال هؤلاء النسوة.

سلام عليك أم شما أينما كنت، سلام على تلك العائلة الكريمة التي أنجبت كريمة مثلك، سلام عليك من أبنائك وإخوانك في لجنة كتاب وأدباء الظاهرة، فلتكن طريقك محفوفة بعناية الله وتوفيقه من أجل هذا الوطن.

تعليق عبر الفيس بوك