حمود الحاتمي
خلال السنوات الماضية، تمَّ تنفيذ العديد من المشاريع الحكومية في بعض المحافظات؛ ومنها: ولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة؛ كسوق الخضراوات والفواكه بالعراقي، وسوق بيع الأغنام بالرستاق بالمنطقة الصناعية، ومشاريع أخرى في محافظات أخرى.
ولعلَّ أبرز هذه المشاريع: مشروع إعادة بناء سوق أبو ثمانية الذي غُيِّبت معالمه وغدا عبارة عن دكاكين صغيرة، بل واشترط عدم فتح أبواب تطل على الشارع؛ مما أدى إلى عزوف الأهالي عن تشغيل السوق، بعد أن كان يعجُّ بالحركة الدؤوبة ومقصد الباعة والمشترين من مختلف مناطق السلطنة.
وزارة البلديات امتعضتْ من هذا العزوف، وفكَّرت في إعطائه لمستثمر، وهذا المستثمر سوف يستثمره بأسلوبه الخاص، ولا يهم إن كان عبق التاريخ قد بقي أم غادر، لتبقى قلعة الرستاق تذرفُ الدَّمع على أخيها السوق، بعد أن كانا توأم يزدانان بزوار الولاية.
مشروع قادم قد لا ينجح، وهو تقاطع مكتب الوالي، بعد أن كان الأهالي يمنون النفس بإنشاء جسر يحد من الاختناق المروري، تم الاستعاضة عنه بإشارات ضوئية لتبقى الحال كما هي عليه.
بل إنَّ هناك مشاريع تنفذ حاليا قد تلحق الضرر بالمواطن بسبب عيوب في التصميم: ضيق المجرى المائي لشرجة هنج بمنطقة الخليو؛ حيث تقوم وزارة النقل والاتصالات بتنفيذ ازدواجية شارع المربا-العراقي، وقد تسبَّبت الأمطار في عدم كفاية المجرى ودخول المياه لمزارع ومنازل المواطنين هناك؛ ليبقى المواطن في حيرة من أمره، وأسئلة تراود ذهنه مَنْ خطَّط لإقامة هذه المشاريع؟! وهل يعرف المخطط طبيعة تلك الولاية في احتياجها لذلك المشروع؟! وهل تمَّت دراسات جدوى لهذه المشاريع؟!
استطلعتْ آراء مُواطنين: لماذا أخفقت تلك المشاريع؟! فأجابوا بأنَّ أحدًا لم يستشرهم فيها، بل تم تخطيطها وتنفيذها دون دراسة لحاجة الناس إليها، ومتابعة هندسية، وحتى طبيعة تخطيطها بدائية؛ وبالتالي لا يمكن تطويرها بسبب سوء التخطيط.
وأجدُ نفسي هنا مُوَافِقا لرأيهم وقناعاتهم بأنَّ هذه المشاريع لم يُخطَّط لها التخطيط الجيد، ومن تمت استشارتهم وافقوا تلك الجهات المعنية مجاملة ووجاهة ليس إلا. ولعلَّ الممارسات التي يُمارسها أعضاء المجلسيْن البلدي والشورى، ومنذ تأسيسهما، لم يخدما ولاية الرستاق إلا النذر اليسير، وغيبت المشاركة المجتمعية عن اتخاذ قرارات بإنشاء تلك المشاريع، وإلى اليوم فإنَّ تلك المخططات تخرج من أدراج المحافظين والجهات ذات العلاقة.
من المسؤول عن إنشاء تلك المشاريع وعن هدر مبالغ طائلة فيها؟ وما مصير هذه المشاريع اليوم؟ وما هي آثارها المستقبلية؟.. الغريب في الأمر أنه يُقام حفل افتتاح لكل مشروع يُكلِّف هو الآخر مبالغ طائلة!!
إنَّ اتخاذ قرار بإنشاء أي مشروع يعني مستقبل ولاية ومستقبل مواطن ومستقبل وطن، فكيف تتم بهذه العشوائية؟ نحن اليوم نطالب بمشاركة مجتمعية حقيقية في تنفيذ مثل هذه المشاريع عبر استخدام منصات التواصل الاجتماعي والتصويت عليها، والاستماع أكثر لصوت المواطن بعد أن غُيِّب.. اليوم نعيش ثورة هائلة في تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، وينبغي توظيفها لخدمة الاستماع لرأي المواطن الذي تُقدَّم له الخدمة وتفتح له قنوات تواصل فاعلة مع المسؤولين ومشاركته في اتخاذ القرارات.
رغم الظروف الاقتصادية من أثر انخفاض أسعار النفط، إلا أنَّ الحكومة الرشيدة ماضية في إنشاء المشاريع، لكن ينبغي أن نكون أشد حرصا على تخطيطها التخطيط السليم وتنفيذها التنفيذ الأمين.
alhatmihumood72@gmail.com