السوق الكروية: الضرورة وإثبات الذات

 

 

حسين الغافري

(١)

لاشيء يثير اهتمام الصحافة والصحفيين في هذه الفترة من الصيف أكثر من سوق انتقالات اللاعبين. وبطبيعة الحال السوق الكروية لا تقل إثارة وترقّبا من لقاءات كُرة القدم الممتعة في أوروبا بشكلٍ خاص. البحث عن تعزيز القدرات البشرية ضرورة كبيرة تسعى لها كبار أندية القارة وتُخطط لها بجهد مضنٍ وبأدق التفاصيل. الكل يبحث عن التعزيزات لبدء موسم كروي بشكل مثالي يضمن المنافسة على الألقاب وتحقيقها. ولا تقتصر الانتدابات الجديدة على أندية دون أخرى، فمن حقق النتائج والألقاب بالموسم الماضي يدرك تماماً أنّ البقاء في القمة أصعب من الصعود إليها؛ لذلك نرى شدة المنافسة في كسب ودّ أبرز النجوم. وهنا سنتحدث عن الضرورات لبعض الأندية من ناحية شراء اللاعبين.

 

 

(٢)

 

أندية عديدة نراها مُكتملة الصفوف، وتسير في طريق واضح وتحقق النتائج والألقاب ولكنها لم تركن نفسها جانباً ودخلت بقوة للسوق الكروية. ريال مدريد إنموذج حي لذلك. الفريق بطل وحقق لقب الدوري المحلي والبطولة الأوروبية ثلاث مرات آخر ثلاثة أعوام مع ذلك دخل السوق الكروية حتى الآن بتعزيزين.. الأول ثيو هرنانديز والثاني سيبايوس ورحل عنه الظهير البرتغالي كونتراو والنجم الكولومبي خاميس رودريغز إلى بايرن ميونخ. الريال منذ فترة ليست بالطويلة غيّر سياسته السابقة التي كانت تعتمد على شراء أشهر وأفضل اللاعبين بعد أن أيقن بأنها غير مجدية بشكل فعلي. لم يحقق النتائج وقتها بشكل مثالي واكتفى بمراحل تخبط تغيّرت معها الإدارة مِراراً وعاد لها بيريز بفكر جديد. الريال الآن أكثر واقعية وعلى إدراك كبير بما يحتاجه من أسماء؛ لذلك يراهن على المواهب الصغيرة بشكل واضح ويمتلك فريقين جاهزين سيستمر بالموسم المقبل على القمة وسيكون خصم شرس للألقاب كعادته طبعاً. بينما في الجانب الآخر؛ يبدو أن برشلونة غير مهيأ لأن يكون فريقا مستقرا من الناحية الإدارية.. المشاكل تلاحق الإدارة يوماً بعد يوم؛ الأمر الذي يعدّ من عوامل ضياع الفريق في الأعوام الأخيرة. أيضاً ومن وجهة نظري سعيه على انتداب الإيطالي فيراتي من باريس سان جيرمان إثبات وجود بدرجة كبيرة، ورد على الألقاب التي حققها وتفوق فيها الريال بالأعوام الأخيرة. فيراتي موهوب ونجم فاعل لا يختلف على ذلك عاقلان، إلا أن برشلونة يريد خطف الأضواء وتسليط الكاميرات عليه على أنه موجود ويطمئن جمهوره ومحبيه بموسم مختلف تماماً عما مضى. برشلونة فعلياً بدأ في تصحيح خطواته وتعاقد مع الموهوب سيميدو من بنفيكا البرتغالي لحل مشكلة الظهير الأيمن، وهو بحاجة إلى لاعب وسط من طراز عالي في الفترة الحالية.

 

 

(٣)

 

يوفنتوس على خُطى الريال فمع نجاحه ما لبث لحظة ليسعى في تجديد دمائه. ومن يعرف يوفنتوس جيداً فيدرك تماماً بقوة الإدارة التي تُسيّره. الفريق لستة أعوام يحقق البطولة المحلية ووصل إلى نهائي دوري الأبطال العام الماضي وقبل عامين. يوفنتوس لا خوف عليه محلياً ولقب سابع قد لا يكون بعيدا.. الطموح اليوم بات بلقب أوروبي. ميلان وإنتر كذلك منتظر أن يعودوا إلى مواقعهم الطبيعية وخلق منافسة كبيرة على الدوري. خصوصا ميلان الذي جلب مجموعة أسماء طموحة مرتقب أن يضيف نكهة جديدة بنهوضه من سباته. أما الإنتر فمع المدرب الجديد سباليتي أراهن على أنه سيكون من بين المراكز الأربعة الأولى في الموسم المقبل. روما بدوره يحتاج إلى لمسات طفيفة للمنافسة.. الفريق وصيف البطل وقد كان في مواقع الصفوة في الأعوام الأخيرة.

 

 

(٤)

 

في إنكلترا، فالعين على آرسنال الذي لن يشارك الموسم المقبل في دوري الأبطال الأوروبي بعد أن حقق المركز الخامس. آرسنال يجب أن يحافظ على جل نجومه إذا ما أراد الفريق أن يستعيد نفسه.. خروج اللاعبين الكبار يعني بأن الفريق في سقوط آخر يحتاج إلى وقت كبير لتداركه. تشيلسي في مكتمل ولكنه بحاجة إلى انتدابات كبيرة ليبقى في الصدارة خصوصا في قلب الهجوم ووسط الميدان. مانشستر سيتي بدوره لا مجال لموسم آخر بدون ألقاب وإلا كل الاتهامات سيتحملها جوارديولا. السيتي واليونايتد وليفربول وتوتنهام ننتظر منهم استعادة النشاط الحقيقي وتنافسهم لن يقتصر محلياً فقط.. البطولة الأوروبية ستحتويهم جميعاً. وبنظرة إلى باريس سان جيرمان الذي خسر لقب الدوري المحلي في الموسم المقبل، أعتقد بأنه قادر على النهوض مجدداً واستعادة قوته المعهودة ونظرته المحلية ليست بعيدة المنال، ولكن البطولة الأوروبية تبقى حلم الاستثمارات القطرية في النادي. وحال بايرن ميونخ كحال النادي الباريسي، فصعوبة الدوري لا تبدو كبيرة وأحلامه بلقب أوروبي جديد.