أحزان تمت لي بكل الصلة

منال السيد حسن

الخذلان - صفعة حزن موجعة وكومة وجع ملتهبة تحار بين "لهفة اللقاء وعذوبة العناق" وبين "اختلاع القلب من أعمق جذوره في الرحيل".

أجلس هناك على مرمى شاطئٍ بعيد، بعيد جدا، أنتظرُ الشمس تلملم خيوطَ أثوابِها الغضبى.. معلنةً رحيلَ الحب من ديارنا، يرتفعُ النبضُ إلى أقصى خفقانه بين الجنون والموت، الدقائق ثقيلة، تحمل أنفاسي معها بمرور ثوانيها، أعود بذاكرتي إلى ذاك اليوم البعيد، البعيد جدا، منذ ثلاثة أعوام من الآن، وتلك النظرة المترامية التي ما زال خفقانها يعبثُ بقلبي، وعبير ملمسك وهمس شفاهك الحيرى، وحبك الاستثنائي، أتعلم كم كان عليّْ أن أفارقك من البداية؟ أتعلم كم كان عذابي وحزني، اللذين تحولا إلى النقيض فصرنا - معا -؟

 وأسندت رأسي إلى جذعِ شجرةٍ كانت أوراقُها تتساقطُ واحدةً تلو الأخرى حزنا عليّْ، رأسي يدور وفى دورانه أشعر بالمستقبلِ يمرُ أمام عيني، كم أخافه، وفى تلك اللحظة الفارقة بين الماضي والحاضر.. ليأخذ الله الآتي من عمري ويهبني إياك.

 - بمحض إرادتك المنفردة.. وكامل إرادتي المغيبة أحببتك، الله وحده يشعرُ بتلك النوبات المتصارعة بداخلي، المتضاربة بقلبي.. وتتسارع مع نبضاتي، شهقات ألم تعلن خمولها بمجرد رؤيتك في مخيلتي، والصبر ينفذ مني، والنبض الرافض في أعماقي للمستحيل صار والخيال، كل الضحكات والدموع، الشوق والحرمان، الحنين والأنين، كل شيء صار يأخذني من أقصاه - إلى أقصاه -.

قل لي من بيده أن يضع حدا للحرمان، للخذلان.. للموت فجأة في خضم الحياة؟

 قل لي من بيده أن يغير عقارب الساعة كي تسير إلى الوراء؟ كي أختطف من الزمن سويعات قلة أحظى فيها بخذلان أكثر مقابل رؤياك، والحديث معك.

قل لي، أخبرني، أيمكن للمرءِ أن يحيا بنصفِ موتٍ ونصف خذلان؟

أيمكن أن يهبني الموت قليلا من الأمل لعلِي أراك بعد البعث؟

أخبرني هل ثمةَ عشق آخر.. ثمة وجع.. ثمة رحيل، ثمة خذلان آخر سترتكبه في حق أخريات؟

 أبكيك كل ليلة، وكل مطر، وكلَ شعورٍ حاد بالنسيان.. أبكيك.

 كنت أظن أن الزمن لن يغير نظرتي إليك كنت أظن أني أضعف من أن أغيرها.. كنت أظن أني سأتغير على قلوب كانت كلي وبعضي، لكن هيهات.. غير الزمن نظرتي إليك فصرت أقرب إليّْ من حبل الورد، تغير بعضي وصار كلك، تغيّر نبضي وصار عطرك.

** كنت أظن نسيانك صعبا، لكنّه صار محالا!!

 - في خضم كل مشكلة يضرب العقل شطط الذكريات التي تحاكيه ألما، تحاكيه وجعا، وربما تحاكيه كِسرة أمل عنيد لا يبوح، قناعاتي الغريبة التي لا يؤمن بها البعض ويعتبرونها غباءً بمحض جهلهم الغريب.. ما هي إلا ضربات موجعة تحاملت على نفسها بما فاق قواها، تجرعت صبرا غريبا، لسنواتٍ طوال.. كنت أظن أنه من المستحيل أن أستمر في تلك السلبية والخنوع وكنت أجاهد نفسي طويلا وأرسم الأمل شمسا تربض أحلامها في الأفق السحيقة كنبعٍ للحرية، حتى رأيتك فخارت كل قواي!!!

[email protected]

تعليق عبر الفيس بوك