يد العيد التي نسيت الهدايا

 

مسعود الحمداني

 

مَر العيدُ وفي القلبِ أشياءٌ واشياءُ..

مَر كأنه لم يأتِ..

ورحل كأنه لم يمر..

عيدٌ جمع الأهل، والأحبة، وفرَّق بين أهلٍ وأحبة..

جاء العيد ولسان حال المتنبي ما زال صادحا:

عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ

بما مضى أم لأمرٍ فيك تجديدُ؟!!

أمَّا الأحبةُ فالبيداءُ دونهمُ

فليت دونكَ بيداً، دونها بيدُ

جاء وصوت المدافع يدوي في بلدان الإسلام، ورائحة القتل والدمار تزكم الأنوف في دول أخرى، وأطفال الكوليرا في اليمن يموتون كل ثانية، وجوعى الصومال يتوسدون الصحراء ليموتوا على فراشها، وبؤساء العراق يتفكَّرون في العدو الجديد الذي سيحل مكان قاتليهم، ومحرومو سوريا يتأوهون وهم يرون شوراعهم ملأى بالهلاك، وفرقاء ليبيا يتحسَّرون على زمن الطاغوت.

فأي عيدٍ يأتي به العيد؟!!

***

جاء وفي يده الحلوى، والكعك، والفرح، ورحل وفي يده الأخرى مسارب الخوف، والغد المظلم، والآمال الجوفاء، وبعض الوعود الكاذبة تلفها هدايا المأزومين في العالم، وتحيكها أنامل الساسة الملوثة بالدم، وفي عيونهم براءة الأطفال، وأحلامهم.

جاء العيد والخليج "العربي" في أوج انقساماته، وغلظة سياساته، والذئاب تنتظر الفريسة تلو الفريسة لتستأثر بلحوم بلدانه، وشحوم نفطه، و"عقالات" عرَّابيه، فأخوة الدم والتراب فرقت بينهم دروب السياسة، وشعوبه لبسوا ملابس الكره والبغضاء، وحشدوا جحافل "تويتر" و"فيسبوك" ليدخلوا في خضم معركة لا يعرفون عنها شيئا إلا ما يوسوس به إعلامهم، ويروجه في عقولهم لحسم "موقعة الجمل" الأخيرة.

***

جاء العيد والحياة هي الحياة..

والموت هو الموت..

والفرح مخاتل، ومراوغ، يدس يده في جيب العمر، ويسرق لحظات الراحلين عنا إلى أروقة السماء، ويدعو الله بأن يأتي في المرة القادمة وفي كفه قمر الأمنيات، ونجمة الصبح الزاهرة كأعين الحمام البري.

نحلُم بأنْ يأتي العيد في المرة القادمة، وفي فمه حلوى القصيدة العذبة، وجوقة الفرح الأثيرة التي تنشد أغاني الطفولة، وتعزف موسيقى الحياة الصاخبة لعيدٍ "سعيد" لم يأتِ منذ زمن بعيد.

 

Samawat2004@live.com