العمل التطوعي

 

علياء العبرية

تنشط الفرق التطوعية والخيرية في شهر رمضان المبارك في مختلف محافظات وولايات السلطنة للإسهام في إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين من مواد غذائية ومبالغ نقدية تساهم بها الشركات والمؤسسات وأصحاب الأيادي البيضاء. وتستمر حياة الشعب العماني بتكاتف أبناء المجتمع العماني فيما بينهم وتعاونهم كيدٍ واحدة، ذلك لأنّ أعباء الحياة ومسؤوليّاتها لا يُمكن أن تقوم بها جهةٌ واحدة، كما أنّ أهداف الحياة تتطلّب تكاتف النّاس وتعاونهم، ومن صور التّعاون بين الشعب العماني الأعمال التّطوعيّة التي يقوم بها أفراد وهيئات يجمعهم حبّ الوطن وخدمة الإنسان العماني والمقيم على أرض عمان الحبيبة، وينطلقون من مفاهيم إسلاميّة أصيلة تحثّ على التّعاون بين النّاس وخدمتهم، كما أنّهم ينطلقون من مفاهيم إنسانيّة توجب على الإنسان أن يبذل ويقدّم خدماته لمن حوله دون أن ينتظر بالضّرورة شكراً أو جائزةً على عمله كحال من ذكرهم الله تعالى في كتابه العزيز إذ قال: (إنّما نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا)، وإنّ هذه الآية الكريمة تُؤصّل فكرة العمل التّطوعي في نفوس المسلمين وخاصة العمانيين فينطلقون لخدمة بعضهم بحماسٍ وعزيمة محتسبين الأجر عند الله تعالى، وكما قال الإمام الشّافعي: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والنّاس، وللعمل التطوعي أهميّةٌ كبيرة في المجتمع؛ حيث يسهم في تعزيز روح التّكافل بين النّاس وزرع القيم النّبيلة في نفوسهم، فعندما يرى الإنسان من يقف بجانبه ويضع يده بيده ليتحمّل معه مسؤوليّة عملٍ معيّن، فإنّ ذلك يشعره بروح الأخوّة والمحبّة، كما يبعد الشّحناء والبغضاء بين النّاس؛ حيث يعتبر العمل التّطوعي جزءاً من الإحسان وكما قيل: أحسن إلى النّاس تستعبد قلوبهم فلطالما استعبد الإنسان إحسان ومن أهميّة العمل التّطوعي أنّه يخفّف من المسؤوليّات الملقاة على فئة من فئات المجتمع، فقد يجد الكثير من العمّال صعوبةً في تطبيق الواجبات الموكلة إليهم، بينما إذا تطوّع أحدٌ من النّاس لتحمّل المسؤوليّة معهم، توزّعت أعباء المسؤوليّة فلا يشعر أحدٌ بأنّه كلّف بما لا يطيق. ويحتاج المجتمع للعمل التّطوعي في عددٍ من الأمور جنباً إلى جنب مع الحكومة، وبالتّالي فإنَّ العمل التّطوعي يعدّ رافداً للمجتمع بالكفاءات التي تقدّم الجهود في ميادين مختلفة ولا تنتظر المقابل وهذا الأمر يخفّف على الدولة نفقاتها ومصاريفها فتتوجّه إلى أمورٍ أهمّ في الإنفاق . وأخيراً يساهم العمل التّطوعي في تهذيب النّفس الإنسانيّة وتعليمها التّواضع؛ حيث لا يتكبّر الإنسان على خدمة مجتمعه، فتراه يكون مستعدّاً للنّزول إلى الطّرقات للمساهمة في تنظيفها مع غيره ممّن تلقى عليهم مسؤوليّة هذا الأمر، كما تجعله يشعر بهموم النّاس ومشاكلهم حين يطرق باب الفقراء لتوزيع معوناتٍ لهم وكم نفتخر برؤيتنا في هذا الشهر الفضيل لأطفال في عمر الزهور وهم يقدمون وجبات الإفطار لعابري الطريق هكذا غرس الإنسان العماني حب الوطن والقائد والعمل التطوعي في نفوس الأطفال في السلطنة.

 

تعليق عبر الفيس بوك