التوازن بين التنمية المستدامة والبيئة

 

ناصر العبري              

 

تولي السلطنة اهتمامًا كبيراً بقضايا البيئة وحمايتها من مخاطر التلوث حفاظاً على سلامة مقوماتها ومصادرها التي هي أساس ضروري لاستمرار حياة بشرية آمنة، بعد أن بلغت التجاوزات السلبية أعلى درجات المخاطر الناتجة عن التطورات الصناعية والتكنولوجية الحديثة والمتسببة في تلوث البيئة بأخطر المواد الضارة، نظرًا لتقلص وتراجع الوعي البيئي في الحد من استنزاف مقومات البيئة وما ينجم عنه من أضرار جسيمة بصحة الإنسان تصل إلى حد الإصابة بأمراض العصر الخطيرة والمتمثلة في السرطانات والتشوهات الخلقية والإعاقات على اختلافها، ولهذا تضافرت الجهود في السلطنة لإصدار قوانين وتشريعات تستهدف حماية البيئة من تلوث مصادرها الطبيعية ومواجهة هذه الأزمة التي تؤدي إلى انقراض الكائنات الحيَّة خاصة وأنَّ الإنسان هو المتضرر الأول حيث إنه مرهون ببيئته وحفاظه عليها فيه حفاظ عليه وعلى الأجيال من بعده بما تحمله البيئة من موروثات جينية تعاقبت لأجيال حتى آلت إلينا.

وفي هذا السياق تُقدم السلطنة نموذجاً فريدًا في الحفاظ على البيئة وحمايتها حيث تبوأت مكانة مرموقة على الصعيدين الإقليمي والدولي لما حققته من إنجازات مُتميزة في مجال حماية البيئة والحياة الفطرية جعلتها ترتقي إلى مصاف الدول المُتقدمة، وكغيرها من القضايا التي تهتم بها الدولة شكلت قضية المحافظة على البيئة هاجسًا ملحاً انطلاقًا من توجيهات مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله- . بأهمية تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والبيئة بما يحفظ للأجيال المتعاقبة حقها في التمتع بالحياة في بيئة صحية وآمنة. ومن هذا المنطلق تعمل السلطنة للحفاظ على موروثاتها البيئية في تجربة تؤكد نجاح التنمية بأسس راسخة تعكس الأصالة والمعاصرة، وجاء مُنتدى عمان البيئي الأول الذي نظمه ديوان البلاط السلطاني وجريدة الرؤية. ليضع النقاط على الحروف حيث شهد المنتدى محاضرات وأوراق عمل ونقاشات وزيارات مُتتالية للمحميات الطبيعية في السلطنة. كما كان المنتدى يجمع مُختلف المؤسسات الحكومية والخاصة تحت سقف واحد. وأن الدور الذي تقوم به وزارة البيئة والشؤون المناخية ووزارة التربية والتعليم ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه والمؤسسات الحكومية الأخرى له الأثر الكبير في التوعية والإرشاد من مخاطر الملوثات البيئية. ولكن لابد من تضافر الجهود مع هذه المؤسسات والمجالس البلدية وجمعيات المرأة العمانية ومجالس الآباء والأمهات والفرق التطوعية في نشر الوعي البيئي من خلال إقامة المُحاضرات والندوات وإيصال هذه الرسالة للمُواطنين والمُقيمين على أرض السلطنة الحبيبة.