بمشاركة رؤساء المؤسسات الوثائقية والأرشيفية في الوطن العربي

ندوة إدارة الوثائق والمحفوظات تستعرض جهود توحيد المعايير الأرشيفة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

الرُّؤية - مُحمَّد قنات

انطلقتْ، أمس، أعمالُ ندوة إدارة الوثائق والمحفوظات "نحو المعايير الأرشيفة"، والتي تُنظِّمها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، بالتعاون مع المعهد الدولي لعلوم الأرشيف، في تريسته ماريبور (إيطاليا)، وجامعة ألما ماتر يوروبيا في ماريبور؛ وذلك تحت رعاية سَعَادة الدكتور حمد بن مُحمَّد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وبحضور عددٍ من أصحاب السَعَادة والمسؤولين، وبمشاركة رؤساء المؤسسات الوثائقية والأرشيفية في الوطن العربي والباحثين والمهتمين والمختصين في مجال الوثائق والدراسات من الدول الخليجية والعربية، بفندق كراون بلازا، وتتواصل الفعاليات على مدار يومين متتاليين.. وتأتي إقامة الندوة على هامش انعقاد اجتماع الدورة الحادية والثلاثين لاجتماع لأمانة العامة لمراكز الوثائق والدراسات بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتهدفُ الندوة إلى التعريف بالمبادئ والمعايير الأرشيفية الدولية وأهمية توحيدها في البيئة الرقمية والورقية، إضافة إلى تبادل الخبرات والتجارب في مجال الوثائق والمحفوظات، كما تستهدفُ الندوة مُشاركة رؤساء المؤسسات الوثائقية والأرشيفية في الوطن العربي، إلى جانب المختصين بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالسلطنة، إلى جانب التعريف بالمبادئ والمعايير الأرشيفية الدولية وأهمية توحيدها في البيئة الرقمية والورقية، وتبادل الخبرات والتجارب في مجال الوثائق والمحفوظات.

استُهِلَّت الندوة بكلمة سَعَادة الدكتور حمد بن مُحمَّد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية؛ رحَّب فيها بأصحاب المعالي والسَعَادة أعضاء الوفود المشاركة.. وقال: ها نحن اليوم نتشرف بحضوركم إلى بلدكم سلطنة عُمان، وفي رحاب مسقط العامرة، ومع إخوانكم وأخواتكم في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، الذين يعتزون بوجودكم، ويفتخرون بخبراتكم وإمكاناتكم الفكرية والعلمية والعملية، وإيلائكم الجوانب الحضارية والتاريخية عناية خاصة، واهتماما ينبع من الإدراك القائم على ضرورة المحافظة على ذاكرة الأمة؛ لما تُشكِّله الوثائق من إسهام بالغ الأهمية في التاريخ الذي أنجزه الإنسان العربي في مختلف مجالات الحياة العلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية على مر العصور؛ فالاهتمام بالوثائق والتراث والثقافة يكون زادا صالحاً لشحن وجدان الأمة بأصالتها ورسوخها، والاستعانة به على رُقيِّها في حاضرها ومستقبلها، ولا يتأتى ذلك إلا بتنظيم وثائقي يُواكب ما نشهده اليوم من تطوُّر سريع في حجم المعلومات التي سنتعامل معها لتسيير أمور الدولة والمجتمع، ويتعيَّن الحفاظ على بعضها لقيمتها التاريخية والبحث العلمي والإبداع الفكري؛ لهذا فالوثائق تُشكِّل ضرورة لمعرفة مسار حياة المجتمع وتعامله في التحركات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والوثائقية، وتعمل على تقوية وتنمية الوظيفة التاريخية لأهميتها في بناء العلاقة مع المستقبل؛ مما يُوْجِب التخطيط نحو إعادة تأسيسها في وعينا، وبنائها في فكرنا؛ لتتمكن المؤسسات من تحقيق أهداف المجتمع وتطلعاته من خلال رفع الوعي العام وتطويره وتنمية التفكير العلمي والمساهمة في إذكاء روح البحث وتلبية متطلبات الخطط، وبناء جيل قوي في بنيته الفكرية والعلمية والعملية يعتز بوطنه وتراثه ويحافظ على منجزاته التي ستمكن الأجيال القادمة من قراءة متكاملة؛ لما تحقق من تقدُّم وازدهار في بلداننا بفضل ما لدى الهيئات والمراكز الوثائقية من رصيد وثائقي يحفظ إنجازات هيئات الدولة؛ لتبقى حية في الذاكرة الوطنية، ولهذه الغاية المنشودة نجتمع اليوم ونلتقي غداً، وستكون بيننا لقاءات نتبادل فيها الخبرات، ونبني من خلالها جسور تعاون، ونضع نصب أعيننا ما علينا من مسؤوليات على كل المستويات بأهمية مؤسساتنا لحفظ كل ما ينجز ويتحقق؛ مما يوجب على الدول والحكومات إيلاء اهتمامها بهيئات الوثائق ومؤسسات الأرشيف، فرسالتها كبيرة وقدراتها عظيمة بصدق النوايا وإخلاص العاملين فيها؛ فهم أمناء لذاكرة أوطانهم وإنجازات مجتمعهم؛ لهذا فعلينا العمل المتواصل لبناء قدرات العاملين، وتمكينهم من اكتساب الخبرات؛ بما في ذلك المشاركة في الاجتماعات الدولية، وحثهم على تقديم أوراق العمل العلمية والمهنية، وقد ظهر ذلك جليًّا من خلال مشاركة بعض المؤسسات في تقديم أوراق العمل في المجلس الدولي للأرشيف، والتي لاقت ترحيباً واسعاً، وعبرت عن قدراتهم وما قدموا من معلومات وخبرات قيمة تتطلع لمزيد من المساهمة والوقوف على التجارب والخبرات الدولية. وإيماناً منا بأهمية بناء القدرات العلمية والعملية لموظفي الهيئة، عملنا على إتاحة فرص التدريب والتكوين وبناء القدرات الذاتية للعاملين وما نشهد اليوم من برنامج عمل مع معهد العلوم الأرشيفية بإيطاليا جانب من البرامج المستمرة التي تعقد في السلطنة، وأنه من المناسب الإشارة لما رأيناه من حاجه للتطرق إلى إدارة الوثائق والمحفوظات نحو المعايير الأرشيفية، التي تستمر لمدة أسبوع لموظفي الهيئة، وقد اخترنا بعضاً من موضوعات البرنامج للوقوف على أوراق العمل التي تقدم هذه الغاية وذلك الاتجاه، فضلاً عن زيارة عمل للهيئة. كما نشهد عقد اجتماعين؛ الأول سيعقد اليوم مُخصَّصاً لأعضاء الأمانة العامة لمركز الوثائق والدراسات بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وغداً سيُعقد اجتماع لأعضاء الفرع العربي للمجلس الدولي للأرشيف لاختيار وانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي للفرع بعد انتهاء المدة القانونية للفترة الحالية.

محاور الندوة

وتضمَّنتْ فعاليات الندوة حلقات وأوراق عمل مُختلفة، بمشاركة عدد من الأكاديميين والأساتذة والباحثين المهتمين؛ حيث سيُقدِّم عددٌ من المختصين في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أوراق عمل عن نظام إدارة الوثائق، بجانب نخبة من المختصين والخبراء من المعهد الدولي لعلوم الأرشيف، تستعرض الندوة مجموعة من المحاور؛ منها احترام النشأة أهميتها ودلالاتها، والترتيب الداخلي للرصيد، إضافة إلى مبدأ احترام وحدة الرصيد ومراعاة تشكيله، وآليات ترحيل الوثائق إلى هيئات ومراكز الوثائق، واَليات الاستلام والمطالبة، إلى جانب ترقيم وترميز الوثائق ودلالاته، واختصار المحتوى ووصفه، كما سيناقش أماكن الحفظ الوسيط والنهائي للوثائق، وتطبيق النظام مع سائر المؤسسات والهيئات، وتنظيم ومعالجة الوثائق.

وتضمَّنتْ الجلسة الأولى من اليوم الأول 6 أوراق عمل متنوعة؛ حيث قدَّم هشام الروشدي محلل نظم بالهيئة، الورقة الأولى بعنوان "إدارة المستندات والوثائق الإلكترونية"؛ تناولت ورقة العمل تجربة هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في مجال إدارة الوثائق الإلكترونية، والتي تأتي استجابةً للمتغيرات التي طرأت على بيئة العمل الحكومية والتحوُّل نحو حكومة الكترونية؛ حيث تطرَّق العرضُ إلى استعراض التجربة منذ نشأة الهيئة، وكيف عملت الهيئة وفق إستراتيجية على وضع الأسس التي تمكن الهيئة من التكيف مع المتغيرات التي قد تطرأ على بيئة العمل بوضع نظام مرن لإدارة الوثائق يمكن تطبيقه في البيئتين الورقية والإلكترونية، إضافة إلى التطرق للعناصر التي استندت إليها الهيئة في إستراتيجيتها للنهوض بقطاع الوثائق وتحويله لنظام عصري يلبِّي احتياجات كافة المؤسسات الحكومية.

وانتقل بعد ذلك الحديث إلى تجربة الهيئة في إدارة الوثائق الإلكترونية؛ استناداً إلى الأسس التي بنتها الهيئة في إستراتيجيتها العامة والخطط والسياسات التي تم إنشاؤها بهدف إيجاد بيئة مثالية للجهات الحكومية تمكن الجهات الحكومية من إدارة وثائقها الإلكترونية بما يتوافق والمعايير والتشريعات التي سنَّتها السلطنة، ومن حفظ هذا المحتوى الرقمي في بيئة آمنة، كما تمَّ التطرُّق إلى مراحل التقييم المختلفة التي تنتهجها الهيئة لتقييم الأنظمة في الجهات الحكومية لضمان توافق أنظمتها مع دليل الإجراءات الوطني لإدارة الوثائق الإلكترونية. وفي ختام العرض، تمَّ استعراض مجموعة من الخدمات التي تقدمها الهيئة لمختلف الجهات الحكومية في مجال إدارة الوثائق الإلكترونية بهدف الوصول لنظام عصري لإدارة الوثائق في السلطنة.

منظومة إلكترونية

وحملتْ الورقة الثانية من الجلسة "إدارة المحفوظات"، والتي قدَّمها حمود بن سليمان الفهدي إخصائي برمجيات بهيئة الوثائق، تحدَّث فيها عن منظومة إدارة المحفوظات، وهي منظومة إلكترونية تقوم بإدارة وحفظ الوثائق التي تم انتقاؤها للحفظ الدائم مهما كان شكلها ووعائها لغرض تنظيم الاطلاع على الوثائق وتشجيع البحث العلمي والإبداع الأدبي، كما تطرَّق الفهدي -من خلال ورقة العمل- إلى أفضل الممارسات في مراحل حفظ المحفوظات والتي تمرُّ بالعديد من المراحل المختلفة؛ منها: التجميع، والتصنيف، والمخازن، والتصوير، والميكروفيلم والإتاحة. إلى جانب أهم خدمة تقدم للباحثين والدارسين، وهي خدمة البحث في المحفوظات؛ من خلال موقع الهيئة الرسمي. وفي النهاية، قدَّم شرحاً عن مشروع الترحيل الإلكتروني من المؤسسات الحكومية إلى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

الأرشيف والمجتمع

وجاءتْ الورقة الثالثة بعنوان "الأرشيف والمجتمع" من حيث تعدُّد التخصُّصات والعالمية وبناء الجسور، والتي قدمها البروفيسور المساعد الدكتور بيتر بافل كلاسينتش، تطرق من خلالها إلى ذكر العلاقة بين مهنة الأرشيف والمجتمع وتأثير كلٍّ منهما على الآخر؛ حيث أسهم الأرشيف في حفظ تاريخ الأفراد في المجتمعات وحفظ حقوقهم من الضياع. ومن جانب آخر، ذكر أنَّ السجلات الأرشيفية يُمكن أن تفيد في التنمية الاقتصادية والتخطيط الحضري، ووضع السياسات في تطوير البنية الأساسية والثقافية والتعليمية والعملية؛ وذلك كله يصبُّ في خدمة تطوير المجتمع. كما تحدَّث عن قانون المخطوطات والتغيرات التي تطرأ عليه والعوامل المؤثرة في تحديد القوانين وأسباب تغيُّرها.

فيما تحدث د. بوجدان بوبوفيتشي في الورقة الرابعة بعنوان "أهمية توحيد المعايير في إدارة الوثائق"، عن أهمية توحيد المعايير من حيث مساهمتها في اتخاذ قرارات صائبة، وتساعد على مواءمة التطورات التي تطرأ على إدارة الوثائق، وتطرَّق إلى عرض أهمية المعيار العام والدولي للوصف الأرشيفي، والمعيار الذي يُعنى بتحويل الوثائق من صيغة إلى أخرى، وترحيلها الترحيل الآمن، وذكر المخاطر التي تتعلق بتحويل الوثائق أو ترحيلها؛ مثل: تجاهل بعض البيانات أو فقدانها بشكل متعمد أو غير متعمد. وعلى ذلك، يجب التثبت الدقيق من بيانات الوثائق عند تحويلها أو ترحيلها. وتطرَّق كذلك إلى المعيار الذي يُحدِّد شروطَ النفاذ إلى الوثائق الرقمية، ومدى قابليتها للحفظ على المدى البعيد، والطريقة السليمة التي يتم فيها تحويل الوثائق الورقية الى رقمية، كما تطرق إلى ذكر العديد من المعايير التي تُعنى بهذا الشأن.

وعُنْوِنَت الورقة الخامسة بعنوان "أهمية توحيد المعايير في الأرشيف الرقمي"، للبروفسورة المساعدة الدكتورة تاتيانا هايتنك، فيما اختُتِم اليوم الأول بالورقة السادسة بعنوان "أهمية توحيد المعايير في البيئة التقليدية والتأثير على المستخدمين"، للبروفسورة المساعدة الدكتورة زدينكا سيميليتش.

تعليق عبر الفيس بوك