مزارعٌ تنتج الموت..

 

مسعود الحمداني

أين يُوجه النَّاسُ وجوههم؟..كلما أرادوا أن يسلكوا طريقاً آمناً، وجدوه مليئاً بالثعالب والعقارب، تكالب عليهم الفاسدون من الوافدين والمُفسدين من أبناء جلدتهم حتى صكّوا عليهم النوافذ والمنافذ، ولم يجدوا لهم ملاذا إلا الجهر بالشكوى لله تعالى ثم للأجهزة الحكومية التي تكتشف الأشياء بعد خراب مالطة، وبعد أن يأكل المخرّبون اللحم والعظم.

عشرات من القضايا التي نسمع بها ونقرأ عنها ونشاهدها، وتبث الأجهزة الإعلامية فضائحها، من حوادث اللحوم الفاسدة، والأطعمة المغشوشة، وقطع الغيار المُقلّدة، والأدوات المُنتهية الصلاحية، والمطاعم التي تبيع لحوم الكلاب والحمير، وليس انتهاء بالسميّات العالية التي تُغذي الفواكه والخضروات، والتي أصبحت حديث الشارع في الفترة الأخيرة، ومحل سخريته ومصدر خوفه..فهذه المزارع ذات المساحات الشاسعة التي تملّكها البعض بطرق مشروعة وغير مشروعة، واستحلّوها لأنفسهم دون خلق الله، وعاثوا فيها فسادًا ودماراً، وولّوا أمرها لمجموعة من الوافدين الذين لا هم لهم سوى الربح السريع، واستغلال الأرض بشتى السبل حتى ولو كان على حساب البلاد والعباد.

مئات المزارع التي يملكها مواطنون قاتل بعضهم بشهادات باطلة وأوراق مزورة لكي يمتلكونها، وظفروا بها ليسلّموها بعد ذلك لأيدٍ عابثة بذروها بالمواد الكيماوية السامة، وأبادوا منها الحرث والنسل، وتركوها بعد فترة أثرًا بعد عين، بينما صاحب المزرعة (المتآمر معهم) ينظر إليهم بقلب الرضا منتظرًا ما تجود به يد العامل آخر الشهر، وما تجنيه مزرعته من ثمار موسمية وفيرة، غير مكترث لما ينتج عن ذلك الجشع من مصائب يورّثها هو وعامله ومزرعته للوطن والنَّاس، وما تسببه من الأمراض الخبيثة التي ينقلها عبر هذه المزروعات المبادة والمبيدة للآخرين، بينما تبذل الجهات المختصة جهودا غير منكورة، ولكنها بطيئة وأقل من المُمكن، وتكتشف الأشياء بعد فوات الأوان، وتتحرك في الوقت الحرج.

الكوارث التي تحدث في المزارع لا يُمكن السكوت عليها، ولا التغاضي عنها، ففي هذه الأراضي يكمن مصدر من مصادر الأمراض المرعبة، تأتي عبر المواد الكيماوية ذات السميّة العالية والمحظورة دوليًا، والتي يتم تهريبها بشكل أو بآخر من بلدان مجاورة، هي بدورها لا تُصرّح بها، حتى أصبح المواطن والمُقيم يخشى على صحته من الخضروات والفواكه التي تعتبر إحدى الركائز الصحية التي لا غنى عنها للإنسان، فأصبحت مصدرًا من مصادر خوفه وضعفه ومرضه، وليس بعيدا من ذلك مزارع تربية الدواجن التي لا نعلم كيف تتم إدارتها، وتغذية دواجنها، والتي توزع منتجاتها دون أن يعرف المستهلكون شيئاً عن نسبة الهرمونات التي  تتغذى عليها الطيور، ولا الظروف التي تعيش وتتربى فيها، ونخشى أن نفاجأ ذات يوم بما لا يسرّنا من أخبار، رغم أننا اعتدنا عليها.

لا ننسى أيضًا أنَّ بعض هذه المزارع تعتبر وكرا من أوكار العمالة الهاربة والتي تجدها ملاذا آمناً للإقامة والعمل دون ترخيص، مُستغلة تواطؤ صاحب المزرعة وتهاونه على حساب مصلحة الوطن العليا، إلى جانب أمور أخرى تدخل في باب (الخصوصية) تعلمها الجهات المُختصة، ولا تخفى عليها.

ليت أصحاب تلك المزارع التي قاتل بعضهم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة ليتملكوها يقاتلون الآن من أجل أن ينظفوها من كم السمّيات التي أهلكتها، وأن يقوموا بأكثر مما يقومون به حالياً ليكفّروا عن خطيئاتهم تجاه ما اقترفوه من إثم تجاه وطنهم وساكنيه.

سؤال أخير..تُرى لو لم تحظر دولة الإمارات دخول بعض المُنتجات الزراعية العُمانية إليها هل كانت الجهات المختصة لدينا كشفت الأمر وأعلنت الحقائق؟..مجرد سؤال ليس إلا..

 

Samawat2004@live.com