الأرجنتين.. هوية العودة

حسين الغافري
أكثر ما شدّ الانتباه في فترة استكمال التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا كان المنتخب الأرجنتيني الذي سال الحبر كثيراً حول أدائه ونتائجه. قدّم المنتخب الأرجنتيني هوية وشكلا ضعيفا وهزيلا في نفس الوقت، ولم يظهر بتلك الصورة المنتظرة؛ خصوصاً وأنّ المنتخب يأتي ضمن صفوة المنتخبات العالمية، ولديه رصيد كبير من الأسماء التي من المفترض أن تصنع الفارق وتقوده إلى الوصول للنهائيات بفارق مريح. والملفت للنظر أنّ المنتخب الأرجنتيني لازال يعاني أزمة سوء نتائج منذ مدة طويلة وليست وليدة اللحظة. حتى أنّ وصوله لنهائي كأس العالم الماضية لم يكن بذلك الإقناع الكبير رغم وصوله لحظة فارقة تفصله عن اللقب 90 دقيقة لا أكثر.
المنتخب الأرجنتيني في الآونة الأخيرة لم يعد ذلك المنتخب المرعب، وما انتصاراته وفوزه إلا نتاج جهود فردية حققها لاعبوه بدرجة كبيرة. المنتخب أصبح يعتمد بشكل كُلي على نجومه في خلق الفارق وتحقيق الانتصارات. وبدرجة كبيرة أيضاً على النجم الأول ميسي. حتى مع وصوله إلى نهائي كأس العالم -كما ذكرنا- ووصوله إلى آخر نهائيين من نهائيات كوبا أمريكا إلا أنّ أداءه لم يشكل أيا من بوادر الرضا. ولعل آخر السقطات كانت أمام فنزويلا والخسارة بهدفين دون رد وقبلها الفوز الضعيف على أرضه بهدف أمام تشيلي ضمن التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم اللتين لم يقدم من خلالهما المنتخب جملة تكتيكية منظمة أو أسلوب لعب في كل المراكز.
طريق العودة ليس بالطريق المعقد أو الدرب الوعر وفرصة التأهل قائمة بقوة ولا أستبعد وصول التانغو إلى كأس العالم في كل الأحوال، ولكن المنتخب أصبح بحاجة إلى خلق هويّة جديدة تعيده إلى جادة النتائج المأمولة بدرجة أولى. وباختصار فالمنتخب بحاجة إلى مدرب من الوزن الثقيل يؤمن بكيفية إعادة الروح المفقودة ويكوّن فريقا متماسكا يضمن تقديم صورة طيبة للمنتخب قبل ضمانه تحقيق النتائج. وقبل كل شيء فاللوم على إدارة المنتخب في وقت تمتلك فيه الأرجنتين أسماء كبيرة أثبتت قدرتها الفنية وتقود كبار أندية ومنتخبات العالم والإدارة لم تفكر في كيفية استقدامها ومنها العجوز بيلسا وسامباولي مدرب أشبيلية الإسباني وبوكتينهو مدرب توتنهام الإنكليزي وسيميوني مدرب أتلتيكو مدريد الإسباني وغيرهم.
إجمالاً، المنتخب الأرجنتيني بحاجة إلى تجديد دماء كلية في صفوفه لربما تبدأ من الإدارة ومن ثم المدرب واللاعبين. ولابد من مسؤولي المنتخب استغلال هذه السنوات خصوصاً بجيل عظيم وأسماء عالمية كثيرة لها الصيت الواسع والقدرات الفنية الهائلة وتقود كبار أندية القارة العجوز، وتجاوز كل أزمات المنتخب وتهيئة البيئة الملائمة لمدرب من الدرجة الأولى. أقول إنّ عليهم الآن وأعني ما أقول فالمنتخب ضائع والفوضى تعم في كل مكان.. والوقت الحالي يحتاج هذا التدخل الجريء لإنقاذ المنتخب وفرصة رؤيته في النهائيات بصورة مبهجة لجمهوره وما أكثرهم في الوطن العربي وإلا فلن ينفع ترميم الخراب بعد ضياع "مالطا".. أقصد ضياع منتخب "الأرجنتين".