وقفات على عتبات مارس!!

المعتصم البوسعيدي

تصلُ بنا الأيام إلى مشارفِ نهاية الشهر الثالث من العامِ الحالي 2017م، عام رياضي بداياته تُنبئ "بدراما" مليئةً بالشهدِ والدموع، فيها نهاية مسلسلات طال بها الأمد بين الأسفِ عليها واللا أسف؛ وفيها تفاصيل "من طول الغيبة جاب الغنائم"، ومع هذا وذاك نقف مُتأملين مُتبصرين في أحوالها، والعبرة -بأي حال- دروس تجربة وانقضاء تاريخ، والكَّيسُ من فطِن لها.

عشرون عامًا لم تكن كافية "لفينجر" كي لا يُشاهد الجمهور الذي عاش جُل عمره بين ظهرانيهم وهم يلوحون بطلب مغادرته بيت "المدفعجية"، فالأرسنال منذ عهد "كعازف الناي الذي لا يطرب الحي"، يُقدم إيجابية في الأداءِ وسلبية في الألقاب، وتراه في كل عام مُنطلقًا لبُستانِ الثمار اليانعة، لكنه لا يستطيع قطافها وقت الحصاد، فتتعاظم الحسرات مع الأمنيات، ولأن "للصبرِ حدود" فقد باتَ مصير المدرب التاريخي على "كف عفريت" وخاصةً بعد نتائج "مارس" الكارثية!!.

عند نهاية بطولة الأمم الأفريقية وتتويج المنتخب الكاميروني باللقب على حسابِ الفراعنة الذين عادوا إلى الواجهة من جديد، بدأت قصة أخرى سقط فيها عيسى حياتو من وهم الزعامة "المطلقة" لصالح "المدغشقري" أحمد أحمد، كما شهدت انتخابات الاتحاد الجزائري رحيل روراوة بعد ستة عشر عامًا، والأخير -أي روراوة- ربما نجد من يتحسر على رحيله رغم "كآبة المنظر" الذي ظهر به "النسور الخضر" -مؤخرًا- في تصفيات مونديال روسيا حتى الآن، ناهيك عن خروجهم "المُخجل" من دور المجموعات في البطولة الأفريقية، لكن لا أعتقد هناك من يتحسر على خسارة عيسى حياتو للانتخابات الأفريقية؛ فكمية "الغل" التي يحملها الأغلبية عليه دعت لإطلاق "آه" الفكاك منه حتى وإن كان القادم ليس من حاملي قنديل التفاؤل الكبير.

يقول حبايبنا المصريين: "أخدلُه بوووم كبيرة" ذلك ما حدث للمدرب "رانييري" من إدارة "ليستر سيتي" النادي الذي حقق بقيادة العجوز الإيطالي ما يُعد بتعبير مجازي "بالمعجزة"؛ أثر تتويجه بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، ومع تحفظ المتابعين للطريقة التي رحل بها المدرب، إلا أنَّ الحقيقة وقعت في ضرورة "التضحية" به من أجل تصحيح وضع النادي الصعب بعد سلسلة الخسائر والانزلاق الخطير من القمة إلى القاع، فحدث الأمر -بسبب أو لآخر- وتعدل الحال في الدوري، ووصلت "الثعالب" لثمن نهائي دوري أبطال أوروبا في سنة أولى حضور.

تقدِّم به العمر، وأخفته الإصابة لمدة ستة أشهر، وخرج من تصنيف العشرة الكبار، وظن من ظن إنها النهاية، لكنه "روجر فيدرر" كوكب التنس والأفضل عبر كل العصور في عالم الكرة الصفراء، عاد من بعيد؛ فحلق في ويمبلدون الاسترالية وتوهج نجمه من جديد في إنديان ويلز الأمريكية، والحديث عنه لا يُمل ويُعاد مرةً ومرات؛ فليس أكبر من "ريمونتادا البارسا" على "امراء باريس" إلا "ريمونتادا فيدرر" في كرة المضرب، والمجد يصنعه العظماء.

كُلنا يذكر حادثة النادي البرازيلي "شابيكوينسي" ووفاة 71 من أعضاء النادي نجا منهم ستة فقط، مشهد العودة لم يقل ألمًا عن مشهد الفقد؛ فقد عاد الفريق إلى اجواء المباريات الرسمية بذات القمصان وبـ26 لاعب جديد، ولا أعتقد أنَّ النتائج الحسابية مهمة عند جماهير النادي والمتابعين من كل انحاء العالم بقدر تلك الحياة التي استعادت ذكرى الراحلين، وعلى "طاري" النتائج الحسابية وفي مشهد محلي مختلف، حققت رياضة المرأة العُمانية في الدورة الخامسة لرياضة المرأة الخليجية بالدوحة 36 ميدالية ملونة بينها 10 ذهبيات و9 فضيات و17 برونزية لتحتل السلطنة المركز الرابع، وحتى لا نجمل الصورة أكثر من حقيقتها فالمراكز الرابع يا عزيزي القارئ هو نفسه المركز الأخير!!؛ بحكم مشاركة أربع دول فقط في الدورة.

أخيرًا.. ولزامًا عليَّ أن أقف مع تاريخ 28 يناير 2017م؛ حيث نهائي كأس العالم العسكرية الثانية وفوز المنتخب العسكري بالبطولة، والأهم من ذلك الفوز كان ذلك الحضور الجماهيري الرائع الذي غصت به مدرجات مجمع السلطان قابوس ببوشر، جماهير تنفست رائحة الفوز واستطعمت لذة الانتصار، وهي تتوقُ اليوم إلى تاريخ جديد هو 28 مارس القادم الموعد المرتقب لعودة المنتخب الوطني الأول الذي سيخوض غمار التصفيات الآسيوية، عودةً ستكون بثوب إداري وفني جديد يترقب الجميع طلته، ومهما كان السواد يغطي واقعنا الكروي، سنظل نتمسك بالأمل ونستشرف الضوء عله يأتي من عتبات "مارس" الملوح بكفوف الوداع.