وداعًا رمضان

 

وداد الإسطنبولي

بالأمس كنَّا نترقب هلال شهر رمضان بقلوب تتراقص فرحًا؛ وتطرب للقائه بسعادة غامرة؛ والروح تستعد للتقرب لتزيح عن كاهلها الأخطاء؛ وأيادي ترتفع بالدعوات لينتفض من راحتها العوائق، والنفس تهذب نفسها وتصون مما تحمله من آثام، حسابات نُراجع فيها الأعمال.

 ودائمًا اللحظات السعيدة تمر بسرعة بين أيدينا والنفس الحبلى بمشاعر الجمال تنتهي دون شعور منَّا بسرعة فائقة، وبالفعل كما قال الكاتب والمحامي خالد سعد الشنفري عندما قرأت له مقال بعنوان "ساعة بلا عقارب" ولا أدري كيف جاء طيف مقاله في فكري، سوى أنه ذكرني بأنَّ الأوقات السعيدة تنسحب من تحت أقدامنا وتركض بسرعة، وكأنَّ الساعة لا تحمل عقارب؛ لنتدارك أمرها وهذا ما يحدث لنا مع هذا الشهر الفضيل والضيف الخفيف على قلوبنا بقدر انتظارنا الطويل له، وشوقنا الكبير بقدومه، نجد فيه راحة القلب واستكانته، ومتعة العمل، فتطيب معه الصالحات ونفقد مع أيامه الإحساس بالزمن دون انتباه؛ لهذا تصبح الساعة معه بلا عقارب.

وهذه الأيام التي تجتر زمنها كالبرق من حياتنا لابد أن ننظر إلى جوانب تقصيرنا فيها ونستغل كل وقت فيها.

والآن مقبلون بعد أيام قلائل على فرحة أخرى أيضًا تقرب القلوب وتعد من محاسن الأخلاق ولا يقل حسناتها، ولا الأعمال فيها عن الشهر الفضيل؛ فكُل شهور الله بركةً لكل مسلم، وهذه فرحة نتروّح بها للطاعات والعبادات لله تعالى، وأجملها تبادل التهاني والتبريكات لعيد الفطر المبارك.

وشهر رمضان وشهر شوال يتشابهون بأمور كثيرة في غرس القيم كحب الخير وصلة الأرحام، الصفات الروحانية، الصدقة وقيم كثيرة تتجلى في سلوك المسلم وواجبنا تعظيم شعائر الرحمن.

 اللهم اجعل شهر رمضان شاهدًا لنا لا علينا وأعِدّه علينا أعوامًا مديدة وبارك لنا في شوال واستودعناك رمضان.

كل عام والجميع بخير.