طالب المقبالي
خلال زيارتي لمعرض مسقط الدولي للكتاب، وبينما كنت أبحث عن مكتبات معينة لفت انتباهي اسم مكتبة مشهورة في الرستاق، بل وربما على مستوى السلطنة، فحدرت رأسي لأرى الجالس على منصة البيع فإذا به محمود العبري، أشرت إليه باستغراب إلى عنوان المكتبة وكأن الحنين إلى المكتبة التي عمل بها سنوات وانطلق منها إلى عالمه الخاص ما زال يراوده.
فعرفت أنّ المكتبة لم تشارك فاستغل محمود الفرصة للمشاركة بمعروضاته ومنتجاته في المعرض مستغلاً المكان الشاغر، والغريب الملفت أنّ محمود عرض منتجاته ولم يغير اللوحة لأنّ اسم المكتبة يمده بالطاقة ويشعر بالدفء والاستئناس، كما أن الوفاء والعرفان بالجميل هي الروح التي يتسم بها.
محمود العبري شاب شقّ طريقه في عالم تجارة القرطاسية، وقد بدأ من الصفر، من موظف في إحدى المكتبات لمدة ست سنوات اكتسب من خلالها خبرة كبيرة في التعامل مع الزبائن ومعرفة متطلباتهم من القرطاسية والمستلزمات المدرسية والمكتبية، ثم بدأ التفكير الجاد في فتح مشروعه الخاص، وكان له ما تمنى فقام بافتتاح أول فرع لمؤسسته في ولاية الرستاق عام 2008، ومن حسن الطالع أن يكون في نفس الموقع الذي كانت به المكتبة التي كان يعمل بها مما ساعده على الانتشار كون المكتبة السابقة معروفة ولها زبائنها، كما كان لمحمود زبائنه الخاصين من خلال العلاقات التي اكتسبها خلال الست سنوات التي عمل بها في المكتبة.
ولعلّ ما ساعد محمود على كسب المعارف والزبائن رحابة الصدر وابتسامته المعهودة في استقبال الزبائن، كما أنّه اتصف بالأمانة وحسن الخلق مما أكسب المكتبة التي عمل سمعة طيبة إضافة إلى سمعتها المعروفة بخدماتها الجليلة التي قدمتها والتي ما زالت تقدمها لأبناء الرستاق.
ومن خلال حواري مع محمود قال إنّه استفاد من الخبرة التي اكتسبتها إبّان عمله في هذا المجال، كما أنّه استفاد من خلال الاحتكاك بذوي الخبرات والمتخصصين في القرطاسية وعالم المكتبات من داخل السلطنة وخارجها، الأمر الذي ساعده على التطوير والابتكار المستمر؛ خاصة وأنّ عالم المكتبات واسع ومتنوع ويحتاج إلى التجديد والابتكار المستمر.
فقد بدأ مشروعه بفرع واحد وحرص على أن يكون شاملاً بحيث يقدم خدمات متكاملة للطلاب والمدرسين والباحثين والمؤسسات التعليمية والإدارية، وقد توسع بعد ذلك وأصبح لديه حاليا ستة فروع، خمسة منها في الرستاق والسادس في مسقط.
وفي حوار سابق نشر بجريدة الرؤية حول مصادر منتجات القرطاسيّة والأدوات المكتبية يقول محمود بأنّ لديه عدة مصادر للاستيراد منها السوق الداخلي ومن الدول المجاورة، كما أنّ لديه علاقات متميزة مع الشركات العاملة في مجال بيع واستيراد القرطاسية إضافة إلى علاقات مباشرة مع المصانع الخاصة بالقرطاسية والأدوات المكتبية في الصين والهند وإندونيسيا وماليزيا ومصر.
ولم ينس محمود بيئته العمانية حيث وفر منتجات خاصة مستوحاة من البيئة العمانية والتي وجدت قبولا طيّباً، وإقبالا كبيرًا من الزبائن من الطلبة وأولياء الأمور والمؤسسات التعليمية.
وقد استفاد محمود من الدعم الحكومي لتطوير مشروعه التجاري، حيث حصل على دعم من مشروع سند مما أفاده في تطوير مؤسسته التجارية وتصنيع العديد من المنتجات التي وجدت قبولاً ورواجا في السوق الخليجي، مما أهله للفوز بالمركز الأول في مسابقة مشروع سند كمستفيد من الدعم التمويلي في عام 2012.
محمود مثال للشاب العماني المثابر الذي شمر عن ساعد الجد ولم يتكل إلى الوظيفة الحكومية ولم يسع إليها، لأنّه وجد الخير الكثير في العمل الحر.