لم تخلق المرأة لتنتظر هبة الآخرين!

 

 

زينب محمد الغريبية

 

هذا هو الوقت الصعب للمرأة في مُجتمعاتنا، المرأة تنهض بمسؤوليات كبيرة لا يُمكن أن يستمر المُجتمع لو تقاعست يوماً عن أدائها، قدرنا أن نعيش كذلك، أن تتعدَّد الأدوار التي نقوم بها، والمسؤوليات التي نُؤديها، ليس لأننا كما يعتقد البعض نحاول أن نكمل نقصًا نشعر به، ونُطالب بمساواة ليست من حقنا، لأنه لا أحد يُمكنه أن يمنح النساء العاملات المُكافحات لكي يبقى هذا المجتمع متوازناً مستقراً، فما نقوم به أكبر من أن يتصوره البعض الذين يتباهون دائمًا بأيّ شيء يقدمونه لنا، وكأننا نوعاً إنسانياً أقل من نوعهم الإنساني، يتباهون بذلك ليؤكدوا تلك النظرة التي لا تؤمن بدور المرأة، وكأن المرأة لا تمثل نصف المُجتمع، وكأن المرأة لا تُحقق أعلى النسب التحصيلية، وكأن المرأة لا تشغل نصف مواقع العمل، لم لا يتناسب تمثيل المرأة في مُختلف المناصب العليا والدنيا وفي اللجان والإدارات والمؤسسات الأكاديمية والمدنية مع عددها ودافعيتها، لماذا لا تمنح تمثيلاً أفضل في مختلف المؤسسات المدنية وغيرها؟.

 

هذا السؤال نطرحه في بداية هذا العام، وكان يجب ألا نطرحه في بلد كان أكثر من غيره من بلدان المنطقة تمكيناً للمرأة، ولكن يبدو أنَّ هذا التمكين يشهد تراجعاً في مُختلف المستويات، سواء كانت مجالس برلمانية مُنتخبة أو مؤسسات أكاديمية أو مؤسسات مدنية، وتؤكد الصور التي تنشرها الوسائل الإعلامية عن اجتماعات تلك المجالس واللجان ذلك حيث تجد امرأة أو اثنتين على طاولة كبيرة مُستديرة يتوسطها عادة رجل، ويظهر ذلك في أي لقاءات حكومية رسمية أو زيارات خارجية، وحتى حين طالعتنا الغرفة بخبر عن تعيين رؤساء لمجالس التعاون الاقتصادي مع مجموعة من الدول، كانوا كلهم رجال، فأين المرأة أيتها النساء من كل هذا؟ أين التمكين ونحن لا نجد إحداهن في كل هذه المؤسسات؟ أليس حقا للبلد قبل أن يكون حقا للنساء اللاتي تفوقن ونبغن وتحملن التحديات للنجاح في كثيرٍ من القطاعات رسمية وخاصة، علمية وبحثية، أن يمنحن فرصاً أفضل للمشاركة في الارتقاء ببلدهن؟

 

حين يُطرح موضوع المرأة لا يُحبذ كثيرون طرح الأسئلة، هو سؤال واحد لهم الحق في طرحه وهو: ماذا تُريد المرأة أكثر من ذلك؟ وتترك عبارة "ذلك" مجهولة لا أحد يوضحها ويفسرها، هل يعني هذا السؤال رسالة بأنّ المرأة يجب أن تقنع بالقليل الذي حصلت عليه وألا مزيد من الاعتراف بحقها في الوجود في مُختلف مراكز صنع القرار؟ الأماكن التي ربما تكون أفضل لو سملت للنساء اللاتي لديهن المقدرة والكفاءة على إدارتها، وتسيير أمورها، الأماكن التي يمكن أن تتخذ فيها بعض التشريعات التي تقف إلى جانب المرأة وهي تقوم بدور كبير في النهوض بأسرها ومجتمعها والوقوف مع الفئات الضعيفة والمحتاجة فيه، النساء حتى اليوم لم يحصلن على روضات يضعن فيها أطفالهن أثناء العمل؟ النساء حتى اليوم لا يستطعن أن ينصرفن باكرًا من أعمالهن للنظر في متطلبات أسرهن، لأنّ مثل هذا الهدف لم يتبلور بعد في كل النقاشات التي يقودها أولئك الذين يسألون ماذا تُريد المرأة أكثر من ذلك؟.

 

المرأة تحتاج لأن تنهض من السُّبات العميق الذي تعيش فيه، وألا تتطلع ببراءة إلى هناك من سيُعبد الطريق لها للحصول على فرص للمشاركة تتناسب والقوة التي يمثلنها في هذا المجتمع، هذا المجتمع الذي يتزايد فيه عدد النساء، وتتزايد احتياجاتهن للتشريعات التي تراعي القضايا والمتطلبات التي تواجههن، المرأة تحتاج إلى هذا النهوض، وإلى وعي جديد يقود إلى تفعيل المؤسسات التي تُديرها، لتوظفها في خدمة قضايا المرأة وتواجدها في مختلف الأماكن بنسب عالية إن لم يكن مناصفة، فالمرأة العمانية تتمتع بإرادة لا يتخيلها أحد، وبدافعية لا تحدها أية عقبات، وعلينا أن نستجمع مقومات القوة حتى نحتل الأماكن التي نستطيع عبرها أن نحقق الرخاء لأسرنا ومجتمعنا، لابد من إعادة ترتيب الأولويات وبناء مجتمع نسائي فاعل، يعمل على أهداف مُشتركة، تمد فيه المرأة يدها لأختها المرأة، فتنهضان معاً، وتجتمعان معاً لتحقيق هدف واحد، تستفيد منه نساء في مُختلف المناطق اللاتي تتطلعن إلى أخواتهن النساء لمُساعدتهن في النجاح التعليمي والاقتصادي وفي تحقيق الاكتفاء والاستقلالية، والانخراط في جماعات مُنتجة ومُتعلمة، لم تخلق المرأة لتكون منتظرة للآخرين ليهبوها ما يشاءون وقت ما يشاءون، خلقت المرأة لتهب نفسها التفوق والإنجاز، لا مجال لنسمح أن تطرح علينا أسئلة مثل: ماذا تريد المرأة أكثر؟ .