الخيل في عُمان.. موروث ثقافي وحضاري

 

 

علي بن بدر البوسعيدي

 

القصة التاريخية التي تقول إنّ سلطان عمان في القرن الثامن عشر؛ السيد سعيد بن سلطان أهدى الرئيس الأمريكي حينها زوجًا من الخيول العربية الأصيلة؛ تُثبت أنّ العمانيين منذ زمن بعيد يولون اهتمامًا كبيرًا بالفروسيّة والخيل أسوة بغيرهم من المجتمعات العربية التي تضع منذ سالف الأزمان مكانة كبيرة للخيل وتعتبرها رمزًا للفخر والقوة والشرف..

وأقسم بها المولى القدير في كتابه الكريم "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا، فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا...".

كان العرب يتباهون بقوتها وسرعتها، وحُظيت الخيل في كلام العرب بنصيب وافر من الأسماء كالجواد والفرس والحصان والسابح والصافن وغيره مما يدل على تكريمهم لها، فكثرة الأسماء تدل على عظمة المسمى، وكانوا يقيمون سباقات الخيول بينهم للمفاخرة واستعراض القوة؛ بجانب أدوارها التاريخية واللوجستية والاجتماعيّة، بل أحيانًا بسببها تقوم الحروب كحرب داحس والغبراء..

وتبارى شعراء العرب في وصف الخيل والتغني بمحاسنها فها هو امرؤ القيس يصف فرسه:

مكر مفر مقبل مدبر معا

كجلمود صخر حطه السيل من علٍ

 

أو كقول المتنبي:

الخيل والليل والبيداء تعرفني

 

ويدلل كتاب "أنساب الخيل" للكلبي؛ على عراقة الخيل في عمان، فقد أورد أنّ النبي سليمان عليه السلام أعطى الأزد من أهل عمان فرساً من خيله.

لقد أولى الفارس الأول صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – أيده الله- الخيل ورياضة الفروسية عناية فائقة، ومرد ذلك لعلاقته القديمة واللصيقة بها منذ أن كان شبلا يافعا - أعزه الله- حيث يقول جلالته: "منذ طفولتي كانت لديّ هواية ركوب الخيل، فقد وضعت على ظهر حصان وأنا في الرابعة من عمري، ومنذ ذلك الحين وأنا أحب ركوب الخيل".

تعد سلطنة عمان من الدول الرائدة في تطوير واستيلاد سلالات الخيول العربية الأصيلة، وتقف الخيالة السلطانية شاهدة على هذه الجهود التي انعكست من خلال تبوأ السلطنة مكانة مرموقة في رياضة الفروسية وجودة السلالات على مستوى العالم.

كما تعتبر سباقات الخيل من الرياضات المحببة عند العمانيين، حيث يقام السباق السلطاني السنوي في ميدان نادي سباق الخيل السلطاني بمدينة العاديات، وسباق الخيل بالولايات والذي يقام باستمرار على مدار العام لاسيما في المناسبات الدينية والوطنية. ويمارس الفرسان العمانيون رياضات مختلفة مثل سباقات الصولجان، والتقاط الأوتاد، وسباق خيل العربات، وقفز الحواجز والعرض والسير بالعربات.

إنّ ارتباط أهل عمان بالخيل ارتباط قديم راسخ فهي تمثل جزءًا من الموروث الثقافي والحضاري والديني للسلطنة.. ويكفينا فخرًا أنّ المولى عزّ وجل أقسم بها في كتابه الكريم، وأنّ الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.