لا بديل عن تجويد خدمات الاتصالات

طالب المقبالي

انطلقتْ قبل يومين حملة واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة شركات الاتصالات في السلطنة، وقد حُدِّد لها العاشر من شهر أكتوبر الجاري؛ وذلك نتيجة الاستياء الواسع من سوء خدمات هذه الشركات.

أنا مع المطالبة قلبا وقالبا، وقد غرَّدت على "تويتر" بغلق ثلاث مجموعات واتسابية تخصصية؛ تضامناً مع المقاطعين والمطالبين بتحسين الخدمات، وقد لاقت تغريدتي صَدَى واسعًا، كما حذفت متابعتي في "تويتر" عن الشركة التي كُنت أتابعها، لكنني في المقابل لست مع الطريقة والأسلوب الذي طُرِح.

فالمتحكِّم في العروض التي تقدمها شركات الاتصالات في سلطنة عُمان هي هيئة تنظيم الاتصالات؛ فالهيئة تعمل بنظام معين قد لا يتماشى مع مُتطلبات المرحلة الحالية؛ وبالتالي ربما لا تملك سُلطة إصدار تشريع جديد لتغيير الضوابط المتبعة حالياً؛ وبالتالي يتعين منح الهيئة الصلاحيات الكافية لممارسة عملها بما يحقق التنافس الحقيقي بين مقدمي خدمات الاتصالات. ومن المثير أن إحدى الشركات العاملة بالسلطنة تقدِّم خدمات رائعة في الخارج، بفضل المنافسة الحرة هناك.

لذلك؛ أرى أنَّ المقاطعة غير مُجدية؛ باعتبار أنَّ هذه الشركات ليست معتمدة على المواطن فحسب، بل هي تقدم خدماتها لقرابة مليون ونصف المليون من الوافدين، وبالتالي فقد قدمت شركات الاتصالات لهذه الشريحة خدمات كبيرة لم تقدمها للمواطن نفسه؛ إذ إنَّ إحدى الشركات قدَّمت خدمات اتصال مُغرية لثلاث دول آسيوية؛ هي: الهند وباكستان وبنجلاديش؛ وذلك بمنحهم بطاقة اتصال بمبلغ ريال واحد لمدة 36 دقيقة، لم تمنحنها للمواطن حتى لدول مجلس التعاون الخليجي.

وأعتقد أنَّ هذه الشركات تنظر إلى المواطن من منظور ضيق؛ باعتبار أنَّ أفراد الشعب ليسوا جميعا لهم تواصل دائم مع الخارج؛ فالمواطن يستخدم الإنترنت ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من استخدامه للاتصال الهاتفي؛ وبالتالي وفَّرت هذه الشركات عروضا خاصة لهذه الوسائل، وإن كانت تخفي في باطنها أساليب لإلزام المستخدم باشتراك رديف لتشغيل بعض الخواص في الهواتف الذكية، خاصة تلك التي تعمل في الخلفية، وتحتاج إلى اشتراك عادي، وإلا فإنَّ تشغيلها سوف يستنزف الرصيد الخاص بالاتصال الهاتفي.

وأقترح أن تتم مقاطعة شركة واحدة من الشركتين، وليس الشركتين معاً، ونتجه جميعا للشركة الثانية حتى تغيِّر الشركة المستهدَفة من خدماتها وتقدِّم عُروضا وفق مطالب المستفيدين. وفي المقابل، سوف تضطر الشركة الأخرى لتقديم أفضل ما لديها من عروض، وهنا نحن المستفيدون، ولدينا الخيار؛ فإذا لم تغيِّر الشركة الأخرى من خياراتها تتم مقاطعتها أيضا، والعودة إلى الأولى في حال تلبيتها للمطالب، وهو ما قد يُسهم في تغيير الشركات لسياساتها مع العملاء.

على شركات الاتصالات أن تتنبَّه جيدًا إلى الدور المنوط بها في تقديم أفضل الخدمات بأحسن الأسعار إلى المواطن، الذي يُمثِّل الأساس القوي للتنمية في هذا البلد؛ لذلك ينبغي أن تكون الحملات التي يدعو إليها البعض للمقاطعة مدروسة وفق أسس وضوابط محددة، بعيدا عن التسرع والتعجل دون تخطيط.

[email protected]