سوء المعاملة وتأخير الراتب وزيادة عدد ساعات العمل يجبر العاملات على الهرب

مواطنون: إجراءات استقدام عاملات المنازل مكلفة ومرهقة.. وتأثيرهنّ سلبي على تربية الأبناء

أجرى الاستطلاع – محمد قنات

قال عدد من المواطنين إن المعاملة التي تتلقاها بعض العاملات بالمنازل من الأسباب الرئيسة التي تدفعهن إلى ارتكاب الجرائم، وتحرك داخلهن الرغبة في الانتقام لما تعرضن له من معاملة قاسية، كما أنّ بعض الأسر تثقل كاهل العاملة بأعباء ومهام كثيرة فوق طاقتها، وفي كثير من الأحيان يفوق ما هو متعارف عليه من أعمال المنزل الاعتيادية. وأشار المشاركون في استطلاع "الرؤية" إلى أنّ عدم تحديد ساعات العمل، وتأخر بعض الأسر في دفع رواتب العاملة أو الإساءة إليها بطرق مختلفة قد تصل إلى الضرب والاعتداء الجسدي وجميعها أسباب تولد لدى عاملات المنازل الشعور بالظلم تجاه ربّ العمل وتدعوهنّ للهروب، والبحث عن مكان آخر ربما يكون أكثر أمناً. وطالب المشاركون في الاستطلاع بنشر ثقافة التعامل الإنساني الراقي العادل مع عاملات المنازل والمحافظة على حقوقهنّ وعدم الإجحاف في معاملتهن وإنصافهنّ إذا ما تعرضن لظلم من أحد أفراد الأسرة.
وقال حميد المعمري إن وجود عاملة المنزل قد ينتج عنه مشكلة كبيرة، ويتعيَّن على الأسر ألا تعتمد عليها، ولابد أن تكون هنالك خطوط تفصل ما بين العاملة وتربية الأطفال بقدر الإمكان، وأن ينحصر عملها في المساعدة فقط، على أن تكون أمور التربية من صميم اختصاص الوالدين، ومن الأفضل أن يذهب بالطفل إلى دور الحضانة بدلًا من أن يتركه في البيت مع العاملة بالمنزل، حيث إنّ الحضانة تتيح للطفل الفرصة لتنمية قدراته ومهاراته والاندماج مع أنداده، خاصة وأن العاملة يمكن أن يكون لديها عادات وتقاليد تختلف عن المجتمع المتعارف عليها ينبغي ألا يكتسبها الأبناء، لذا يجب أن تكون تربية الأبناء من اختصاص الوالدين بعيداً عن عاملة المنزل.

وقال ماجد المزيني إنّ الكثير من عاملات المنازل يتعرضن لسوء المعاملة والاستغلال كما أنّ بعضهن يهرب لسوء المعاملة مثل الضرب وعدم دفع الأجور والعمل لساعات مطولة وفي أحيان كثيرة يكون أرباب العمل لا علم لديهم بتلك المعاملة التي تصدر من بعض أفراد اسرته التي تتعرض لها العاملة لأنّها لا تخبره خوفاً على الرزق أو وقوع مشاكل مع أسرته، مما يجعل الكثير من عاملات المنازل يفكرن في الهرب ليقعن تحت طائلة القانون.

وأضاف المزيني أنّ هذه المعاملة غير الإنسانية التي تتعرض لها بعض العاملات قد تولد لديهن نوعًا من الحقد ومحاولة الانتقام بطرق مختلفة لأنها تعرضت للذل والإهانة وتفكر أن تنتقم، وهذا ما ينتج الجرائم التي ظهرت مؤخراً أو أنّ العاملة نفسها تحاول الانتحار بعد أن تتدهور صحتها النفسية لذا يجب أن تعامل العاملة كواحدة من الأسرة، وبصورة إنسانية تراعى فيها حقوقها وواجباتها حتى تشعر بالمسؤولية ويتولد لديها شعور بالانتماء إلى الأسرة، كما أنه لا يجب أن يترك للعاملة مهمة القيام بكل أعمال المنزل، ويجب مساعدتها؛ على أن تكون مسؤولية تربية الأبناء للوالدين لأن العادات والتقاليد تختلف ولابد للأبناء أن ينشأوا على ما نشأ عليه والديهم من قيم وأخلاق.

أثر سوء المعاملة

وأشار محمد حامد البلوشي إلى أنّ عاملات المنازل يعملن وفق أجر معلوم وتم الاتفاق عليه مسبقًا، لكنّ في بعض الأوقات تتعرف على بعض من يساعدونها على الهرب طمعا في راتب أكبر، إلى جانب أنّ سوء المعاملة من قبل صاحب العمل في معظم الأحيان يكون سببا مباشراً لهروب العاملات من المنازل التي يعملن بها، ويهربن إلى أماكن أخرى بمساعدة زميلاتها أو غيرهن.

وأوضح البلوشي أنّ القانون لا يعفي الهاربات من منازل أصحاب العمل إذا تمّ ضبطها، وستكون معرضة للعقوبات مثل الغرامة ودفع التعويض، ثمّ يتم ترحيلها إلى دولتها، غير أنّه أكد أنّه من النادر العثور على العاملات الهاربات نسبة لأنهنّ يتجهن الى مناطق بعيدة عن مسقط؛ مما يصعب مهمة العثور عليهن. وأضاف أنّ عدم دفع الأجور للعاملة وتأخير صرفها من قبل أرباب العمل، إلى جانب جهل بعضهنّ بالقوانين، وطموح بعضهن في الحصول على دخل أكبر كلها أسباب وعوامل مشجّعة تساعد على هروب وتمرد العاملات إضافة لوجود فئة من المجتمع تقوم بتشغيل العاملات الهاربات بطريقة غير مشروعة، على الرغم من وجود عقوبة الغرامة المالية التي لا تقل عن 1000 ريال عماني، وفوق كل هذا فإنّ العاملات الهاربات تنتج عهن تبعات اجتماعيّة واقتصادية وأمنية تضر بالمجتمع.

وقال نصر المحاربي: يجب أن تعامل العاملة بصورة جيّدة وأن يكون هنالك إحساس بالمسؤولية تجاه العاملة، ولا تتم معاملتها على أساس أنّها مجرد عاملة منزل بل يجب على أرباب العمل وأفراد الأسرة أن يسعون لمعاملتها كفرد رئيسي من العائلة وتوفير احتياجاتها الإنسانية حتى يعيش الطرفان في ود وسلام. وذكر أن إجراءات استقدام عاملة جديدة مرهقة جداً فيتطلب من الكفيل إحضار المستندات من مكاتب سند والتواصل مع وزارة القوى العاملة والإدارة العامة للإقامة والجوازات والأحوال المدنية مما يستغرق كثيرًا من الوقت والجهد كما أنّ التعامل مع العاملة الجديدة حال الاستغناء عن الأولى تتخلله بعض الصعوبات باعتبار أنّها لم تتكيف على البيئة الاجتماعيّة ولم تتعود بسرعة على جو العمل المحيط بها وقد يتفادى الكفيل هذه المشكلة وقد تتصاعد حتى تظهر على إثرها مشاكل أخرى ربما يستعصى حلها وتقود أرباب العمل للبحث عن عاملة أخرى.

عادات أجنبية مكتسبة

وقال راشد الهنائي إنّه في ظل سرعة إيقاع الحياة بات وجود عاملة المنزل أمر مهم ولا مفر منه، مهما كانت نتائجه، خاصه في ظل انشغال أولياء الأمر في العمل لفترات طويلة والغياب الدائم عن المنزل، مما جعل الكثير من الأسر تلجأ إلى جلب العاملة للمنزل، وليس هذا فقط بل إنّ هناك أسرا تجاوزت الأمر حتى بات لديها أكثر من عاملة تقوم بواجبات المنزل وتربية الأبناء، مما جعل عاملة المنزل لها سطوة في الكثير من المنازل، وباتت تعلم أكثر من الأم بما يحتاج إليه الأبناء وعن مرضهم ومأكلهم وملبسهم، وتعلق بها الأبناء أكثر من الأم لأنها في الوضع الفعلي هي الشخص الوحيد الذي يقضي الأبناء جل وقتهم معها أو بقربها.

وأضاف الهنائي أنّ العلاقة بين الأبناء وعاملة المنزل لها تأثير كبير فيما يتعلق بالتأثر على اللغة، إلى جانب عادات وتقاليد ليس لها وجود في مجتمعاتنا، فاكتسبوا ثقافة عاملة المنزول وتبنوا أفكارها، وأصبحوا يبحثون عن رضاها، ليس هذا فقط، فقد انصب جل غضب عاملة المنزل على الأبناء، حتى أصبح العديد من الأبناء يعانون من عقد نفسية ولديهم مشكلات صحية، وعادات غير مقبولة، كما أن العاملة وإن كانت مخلصة لكفيلها فهي في نهاية المطاف تنتمي لمكان وزمان يختلف جدًا عن المجتمع، وقد يجعلها هذا الأمر تقوم بالعديد من الأمور المشينة كإدخال غرباء للمنزل أو تعليم الأبناء سلوكيات سيئة.

ويرى الهنائي أنّ الأمر لا يعود على الخادمة فقط، بل إنّ هناك نتائج وخيمة قد يدفع ثمنها رب الأسرة وهي هروبها من المنزل بسبب مشاكل متكررة مع الأم والأبناء، وبسبب المعاملة السيئة التي قد تتلقها، وقد تلجأ للقتل أو الانتحار وقد سمعنا الكثير عن حوادث عاملات المنازل التي كانت أسبابها إما أخطاء قامت بها العاملة أو بسبب رب الأسرة في سوء التعامل معها، وفي حقيقة الأمر تظل مشاكل عاملات المنزل في ازدياد بسبب ازدياد الطلب عليهن، وتتفاقم المشكلة إذا ما أُعطيت العاملة صلاحية أن تكون الأم الثانية في تربية الأبناء الذي سيكونون نتاج عادات وتقاليد مختلفة يدفع ثمنها الأبوين عن الكبر.

تعليق عبر الفيس بوك