"الزراعة": دعم مالي وبيطري لتأهيل حظائر الماشية والدواجن وتوفير المعدات الآليَّة

رواد أعمال يشكون تعطل مشاريع الثروة الحيوانية بسبب تعقيدات التصاريح وتداخل الاختصاصات

< الشنفري: أصحاب الأعمال يُواجهون تحديات عدة بقطاع الثروة الحيوانية

< الحراصي: القوانين الحالية دفعتني للخروج من العمل بالقطاع

< المشايخي: تدريب الموظفين وأصحاب المشاريع.. والدعم مطلوب لتخطي العقبات

< الطائي: رفض طلب الدعم لمشروعي بسبب راتب التقاعد

< الفارسي: نطالب بتوفير إخصائي بيطري لتحصين المواشي

أجْمَع أصحابُ مشاريع صغيرة ومتوسطة في قطاع الثروة الحيوانية، على أنَّ تعطُّل المشاريع في هذا القطاع يأتي بسبب زيادة التحديات والمعوقات والقوانين التي تُعرقل نمو أعمالهم وتطوُّرها؛ الأمر الذي دفع بالكثير إلى هجرة هذا القطاع والبحث عن مجالات عمل أخرى.

وأكَّدوا أنَّه وعلى الرغم من الأهمية الكُبرى لقطاع الثروة الحيوانية، إلا أنَّ القوانين والإجراءات المتَّبعة لا تزال بعيدة كلَّ البعد عن مفهوم التيسير وتشجيع رواد الأعمال.. مشيرين إلى ضرورة الاهتمام بهذا النوع من المشاريع؛ إذ تُمثل عاملَ نموٍّ لكثير من المنظومات الاقتصادية، خاصة السلطنة التي تحتاج مزيدًا من مَصَادر الدخل في أعقاب أزمة تراجع أسعار النفط.

الرُّؤية - بَدْر اليعقوبي - مُنتصر الفارسي

وقال المهندس مُحمَّد الشنفري مدير عام قطاع الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة والثروة السمكية: إنَّ أهمية أي نشاط تُحدَّد بمدى استهدافه للشباب. والسلطنة بمؤسساتها المختلفة ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك المنظمات الدولية، أدركتْ تمتُّع الشباب بحيوية التغيير والتجديد، إضافة إلى حجمه الحقيقي في المجتمع؛ وبالتالي فهو عنوان المستقبل. وأضاف بأنَّ الحكومة سعتْ -وتسعى- نحو توظيف قدرات الشباب في التنمية البشرية هدفاً ووسيلة؛ بصفته قاعدة الارتكاز لعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...وغيرها، وأنَّ أي تنمية دون استهداف الشباب كأولوية مطلقة مصيرها تبديد الموارد والفشل في تحقيق أهدافها. وأكد أنَّ السلطنة تسعى لتشجيع الشباب للعمل في مشروعات  الثروة الحيوانية بكافة السُّبل، والتي من ضمنها التمويل المقدَّم للشباب بشروط مُيسَّرة من خلال صندوق الرفد. وتابع الشنفري بأنَّ أصحاب الأعمال يُواجهون تحديات عدة في قطاع الثروة الحيوانية؛ منها: شح المياه؛ مما ينعكس على المساحات المزروعة بالمحاصيل العلفية وعلى إنتاجية المراعي، وكذلك نقص مساحة المراعي نتيجة الزحف العمراني، إضافة إلى الاعتماد على استيراد مُعظم مكونات الأعلاف الحيوانية والتغيُّرات المستمرة في الأسعار. وذكر الشنفري من بين الأسباب عدم كفاية مزارع الأمهات الحالية لتوفير الاحتياجات من البيض المخصب اللازم لمشاريع تسمين الدواجن، وضعف القدرة التنافسية للمنتجات المحلية أمام المنتجات المستوردة، وعزوف الشباب عن العمل في هذا القطاع، وأخيرا الاعتماد على العمالة الوافدة في إدارة المشاريع.

وحول الدعم والتسهيلات التي تقدِّمها الوزارة في هذا القطاع، أوضح الشنفري أنَّ الوزارة تقدِّم الدعم الفني من خلال المديريات العامة للزراعة والثروة الحيوانية ودوائر التنمية الزراعية والعيادات البيطرية التابعة للوزارة، والمنتشرة في جميع أنحاء السلطنة. وأضاف بأنَّها تُقدِّم الدعمَ البيطريَّ عن طريق تقديم الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية؛ من خلال العيادات البيطرية التابعة للوزارة والبالغ عددها 69 عيادة بيطرية، بجانب 17 عيادة بيطرية متنقلة، وكذلك الدعم المالي من خلال دعم صغار المربين لتأهيل حظائر الماشية والدواجن، علاوة على دعم يُقدَّر بحوالي 50% للمعدات التي تخدم الثروة الحيوانية مثل مكائن فرم الأعلاف ومكائن الحلب الآلي والفقاسات...وغيرها من الخدمات.

وأشار إلى أنَّ الوزارة تقوم بالمساندة في وضع وتفعيل القوانين واللوائح والاشتراطات الفنية اللازمة لإنشاء مشاريع الثروة الحيوانية المنظمة للقطاع؛ بهدف حماية الاستثمارات وتوفير منتجات غذائية صحية وآمنة للمستهلكين، إضافة إلى التنسيق المستمر بين الجهات المعنية الأخرى ذات العلاقة لتذليل العقبات التي تواجه العاملين في هذا القطاع.

وحَوْل مَدَى مُساهمة قطاع الثروة الحيوانية في الناتج المحلي لاقتصاد السلطنة، أشار الشنفري إلى أنَّ قطاع الثروة الحيوانية في السلطنة يُسهم في تحقيق جزءٍ كبير من الاكتفاء الذاتي في اللحوم البيضاء واللحوم الحمراء والبيض والحليب؛ حيث وَصَل مُعدَّل الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة إلى 48%، واللحوم البيضاء (لحوم الدواجن) 43 %، واللحوم الحمراء 51%، والحليب 51%، إضافة إلى مُساهمة القطاع الزراعي (النباتي والحيواني) والثروة السمكية بمقدار 1.6 من الناتج المحلي الإجمالي.

وتحدث الشنفري عن الخطط المستقبلية لمواجهة التحديات في ضوء توصيات مجلس الوزراء بالاهتمام بالتوسع في هذا المجال، وقال إنَّ وزارة الزراعة والثروة السمكية تسعى دوما لتطوير مُساهمة القطاع في الاقتصاد القومي؛ من خلال رؤية مستقبلية لقطاع الثروة الحيوانية؛ وذلك من خلال إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2040، والتي تمَّ وضعها بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والتي تهدفُ إلى تعزيز واستدامة القدرات الإنتاجية والتنافسية وتذليل التحديات والصعوبات التي تواجه القطاع.

قوانين "غير منطقية"

وتحدَّث سالم الحراصي مُدير غوص، عن تجربته..قائلا: "كُنت أعمل في محل لبيع وشوي الأسماك، ولم أستطع المواصلة فيه بسبب القوانين غير المنطقية". وأشار الحراصي إلى أنَّ ما يتم تناوله في القطاع الإعلامي حول التسهيلات والدعم لا يتم تطبيقه على أرض الواقع، وأن الشروط الموضوعة تكاد تكون مُستحيلة. وحول تعاون الجهات المعنية، قال إنَّ صندوق رفد يضع شروطا وصفها بـ"المستحيلة"، لكنه أكد أن وزارة الزراعة والثروة السمكية قدمت الدعم، رغم وجود ملاحظات عديدة على الدعم الذي يقدمونه.

وتعدُّ الشفافية التامة بعيدًا عن الدعايات الإعلامية، والتسهيلات الواضحة لمن يود أن يُنشئ مشروعا مع الإشراف عليه بصفة دورية، من أهم الحلول المقترحة للتغلب على التحديات التي تواجه أصحاب المشاريع مثل ما عبَّر عنه الحراصي. لكنه يضيف: "نناشد المسؤولين بالنظر إلى المؤسسات العاملة في القطاع بعين الرأفة، وأن يعمل أصحاب المشاريع بعيدا عن المجاملة للرقي بهذا البلد دون خصوصية لفئة معينة".

فيما قال حمد المشايخي رائد أعمال ومدير عام شركة الدار للدواجن: "بدأ مشروعي في مجال تربية وذبح الدواجن في المسلخ نهاية عام 2009، وكان من أوائل المشاريع بعد صدور قرار إنشاء مسالخ للدواجن، ولكن بسبب الأحوال الجوية وتعرض السلطنة لإعصار فيت -الذي كان تأثيره قويًّا على ولاية جعلان- قُضي على المشروع، وتوقفتُ عن العمل لمدة تجاوزت السنة".

وحول التحديات، أشار المشايخي إلى تداخل الاختصاصات بين الوزارات الخدمية التي تعقِّد من عملية استخراج التصاريح، إضافة إلى العراقيل التي تعيق نجاح المشروع. ويرى المشايخي أن تدريب وإعداد الموظفين وأصحاب المشاريع خاصة الجدد منهم، هي الخطوة الأولى لحل جميع التحديات.

وقال سيف الفارسي صاحب مشروع قائم على بيع المواشي: "المشروع بدأ بعدما لاحظت توجه بعض الافراد لشراء اللحوم من خارج محيط المنطقة والسلطنة، وهذا السبب جعلني أفكر في المشروع". وأضاف الفارسي بأنَّ تسهيل التصاريح كان العقبة الأولى في بداية المشروع، إضافة إلى افتقاده لإخصائي بيطري؛ مما سبَّب أمراضا للحيوانات أدت لموتها في بعض الأحيان.

وقال يعقوب الطائي -صاحب محل لبيع المعدات الزراعية: "بدأت في مشروعي منذ شهر أبريل الماضي، بمحل لبيع المعدات الزراعية والأعلاف في مبنى خاص لي".

وأضاف بأنَّ أولى المصاعب التي تُواجه المشروع عدم وجود مدخل للمبنى الذي يسهل حركة الزبائن للمحل؛ مما أدى لنفور المستأجرين في المبنى قبل البدء في المشروع، إضافة إلى أنَّ الشركة التي يتعامل معها في شراء المنتجات تعتمد على عملائها في عملية البيع؛ الأمر الذي يجعل من العميل يستغل أصحاب المشاريع ويبيع المنتج بأسعار مضاعفة.

وحول الدعم المقدَّم له من المؤسسات والشركات الداعمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، يقول الطائي: "تقدَّمتُ بطلب للدعم من صندوق الرفد حتى أتمكن من شراء شاحنة تسهل لي عملية شراء المنتجات من خارج السلطنة وعدم الاعتماد على وكلاء الشركات هنا، ولكن تمَّ رفض الطلب بسبب أنَّني مُتقاعد وأحصل على دخل التقاعد". ويقترح الطائي ضرورة وجود مساحة من الحرية في التعامل مع العميل المناسب، وأن لا تقتصر عملية الشراء على عميل معين، وأن تتم مراقبة السوق من قبل الشركات لمعرفة احتياجات ومُتطلبات المستهلكين.

وقال مُحمَّد الفارسي صاحب مشروع متخصص في تربية المواشي: "بدايتي في العام 2015 اقتصرتْ على عددٍ قليل من الحيوانات، ومن ثمَّ بدأ المشروع ينمو أكثر فأكثر". وأوْضَح الفارسي أنَّه يعتمد على الدعم الذاتي في تمويل المشروع الخاص به، لكنه في بعض الأحيان لا يجد المال الكافي لشراء الأعلاف. ويُناشد الفارسي الجهاتَ المعنية بهذا القطاع ضرورة إيجاد إخصائي بيطري لمتابعة الأغنام والمواشي لتحصينها من الأمراض.

تعليق عبر الفيس بوك