فايزة سويلم الكلبانية
يُقال: "يهتم التخطيط للموارد البشرية في المقام الأول بضمان أن تحصل الشركة على أُناسٍ من النوعية والكمية التي تحتاجها"، من هنا فإنّ "التنمية الإنسانية" بمفهومها الأشمل من "التنمية البشرية" بمختلف جوانبها، والتي تعد أحد أهم أساسيات وأهداف أي دراسات أو مخططات مستقبلية تقوم بها أيّ جهة لإنجاح مشروعها العملي، ومن هذا المنطلق فقد جاءت "التنمية الإنسانية" بشكل عام، و"التنمية البشرية والمعرفية" بشكل خاص ضمن أولويات تقارير التنمية العمانية، والأمر المبشر أن تطالعنا الصحف بالأمس بأنباء مفرحة من قبل وزارة التربية والتعليم معلنة عن تعيين 1691 معلمًا جديدًا للعام الدراسي المُقبل، والإناث بنسبة 87%، هذا إلى جانب ما تقوم به وزارة الصحة من إجراءات لإحلال الموظفين العمانيين عوضًا عن العمالة الوافدة في كادرها الطبي بمختلف درجاته، إضافة إلى ما لمسناه من حرص وزارة التعليم العالي على استمرارية طرحها وعرضها للبعثات والمنح الدراسية داخلياً وخارجياً للطلبة الخريجين الجُدد من طلبة دبلوم التعليم العام، أو من يرغب في مواصلة دراسته العليا في الماجستير والدكتوراه وما تطلبه من منافسات وشروط، إن استمرارية هذه الفرص والنعم كلها وغيرها تعد بشرى خير لمستقبل أبناء الوطن، في ظل تقليص المصروفات والإنفاق إلا أنّ ذلك لم يطال الجانب التعليمي بالشكل الذي قد يستدعي خفض مقاعد المنح والبعثات الدراسية من منطلق ترشيد الإنفاق الحكومي، كل هذا من شأنه أن يبعث في نفوسنا بصيصًا من التفاؤل بغدٍ مشرق تحت ظل تأثير ضغوطات تراجع أسعار النفط العالمية.
من هذا المنطلق فإنّ الربط بين "التعليم" و "الخُطط الخمسية" ضرورة لابد من أخذها بعين الاعتبار، فلابد من أن تتضمن الخطط الخمسية القادمة مواءمة بين تنمية القطاعات الخمس الواعدة، وما تتطلبه من كوادر بشرية متخصصة في هذا الإطار، فلا يجب أن نعمل على تشييد البنيان والعمارات وفي المقابل نتهاون في إيجاد الكوادر البشرية القادرة على مواكبة احتياجات السوق آنذاك.
من هنا فإنّ تخطيط الموارد البشرية يتطلب تحديد أعداد وأنواع العمالة المطلوبة خلال فترة زمنية معينة وهي فترة الخطة، لكونها تعد فترة تحديد احتياجات المؤسسة أو جهة العمل للموظفين المتخصصين ذوي الكفاءات والمؤهلات المطلوبة لتلبية احتياجات سوق العمل، وعادة ما تغطي فترة التخطيط السنة أو أكثر. والبعض يرى أنّ التخطيط للتنمية الإنسانية ضمن الخطط الخمسية يُساعد على مقابلة العرض والطلب، ويفسرون العرض على أنّه الجزء المتمثل في "الكوادر البشرية" المتوفرة التي يتطلبها سوق العمل بتصنيفاتهم ومؤهلاتهم وسلوكياتهم في الفترة المُقبلة، أما الطلب فيرون أنّه ذاك الجزء المتمثل في متطلبات واحتياجات المؤسسة من القوى العاملة خلال فترة التخطيط، وهذا يعتمد على ظروف المؤسسة وإدارتها وقدرتها المالية، وعمليات الإنتاجية والتطور في استخدام التقنية الحديثة التي قد تغنيهم عن الكادر البشري تارة، وغيرها من المتغيرات في الهيكل التنظيمي للمؤسسة مما يحدث تأثيرًا على العرض والطلب فيما يخص التوظيف.
من المؤكد أنّ تخطيط الموارد الإنسانية ليس بالأمر السهل في ظل المُتغيرات اليومية، ولذا فإنّه من المهم جدا أن يكون هناك ربط بين الخطط الخمسية والقطاعات الخمسة الواعدة والتي يتم تفعيلها كبدائل أولية للنفط، واحتياجاتها من القوى العاملة لتشجيع النهوض بالقطاع الخاص، لضمان وجود انسجام بين الخطة الخمسية الموضوعة ومخرجات التعليم المؤهلة لتلبية طلبات السوق.