مطار صحار..!

 

بقلم : سيف بن سالم المعمري

 

لا يزال قرار وقف الرحلات الجوية عبر الطيران العُماني من مطار مسقط الدولي إلى مطار صحار التي أعلنت عنه وزارة النقل والاتصالات بدءًا من الرابع عشر من يونيو الماضي يُشكل صدمة للمراقبين للشأن الاقتصادي والمواطنين والمُقيمين في السلطنة، وإن كنت شخصيًا توقعت هذا الإجراء مع إعلان الوزارة التشغيل المُبكر لمطار صحار في الثامن عشر من نوفمبر من عام ألفين وأربعة عشر من خلال تسيير ثلاث رحلات أسبوعية من مسقط إلى صحار على متن الطيران العُماني والتي بلغت قيمة تذاكرها 25 ريالاً عُمانيًا ذهاباً وإياباً ثم خفضت إلى 18 ريالاً .  

فتشغيل المطار جاء بعد  الانتهاء من جميع الأعمال المدنية للحزمتين الأولى والثانية للمشروع واللتين بلغت التكلفة الإجمالية لهما 63 مليون ريال عماني (163 مليون دولار أمريكي) واللتين شملتا إنشاء المدرج مع الممرات الرابطة ومواقف طائرات تتسع لأربع طائرات من ضمنها طائرة الإيرباص 380A وشبكة الطرق وغيرها من المرافق الخدمية.

ورغم تأكيد معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات بُعيد التشغيل المُبكر للمطار أن افتتاح مطار صحار هي وجهة جديدة لعُمان، وإضافة مهمة لصحار كوجهة لوجستية وممر تجاري للخليج والعالم، كما أنّه سيدعم حركة الطيران والشحن والمنظومة اللوجستية لصحار عند اكتمال الحزمة الثالثة منه (الميناء والمنطقة الحرة)، مما يُساهم في تطوير المنطقة ونموها الاقتصادي، ويُساعد في تشجيع وجذب الاستثمار، ويسهل عملية التنقل من وإلى صحار، خصوصاً تلك الشركات العاملة في المنطقة".

وأضاف الفطيسي أنّ وزارة النقل والاتصالات ماضية في تنفيذ خطة الحكومة نحو استكمال الربط اللوجستي بين ميناء صحار والمنطقة الحرة والمطار وسكة الحديد، وبالتالي تصبح صحـار مركزا لوجستياً عالمياً وبوابة إقليمية لمنطقة الخليج العربي.

وإن كُنّا لا نزال نثق في خطط الوزارة في تطوير منظومة النقل وخاصة في قطاع الطيران المدني، وإن ما تفضل به معاليه لا يزال حلماً يتطلع إليه جميع العُمانيين، لكن القرار التي اتخذته الوزارة في التشغيل المُبكر للمطار واقتصار الرحلات بين مطار مسقط الدولي وصحار دون غيرها من الوجهات لم يكن بحاجة إلى دراسة مستفيضة لبيان عدم جدواه الاقتصادية، فعلى مدار 20 شهرًا بلغ عدد المسافرين الذين تمّ نقلهم بين مطار مسقط الدولي وصحار 168 مسافراً فقط بمعدل راكب واحد لكل رحلة حيث لم تتجاوز نسبة شغل المقاعد 5%، لكن هناك تساؤلات كان بالإمكان الإجابة عليها قبل التشغيل المُبكر للمطار،  فهل المسافة بين العاصمة مسقط وصحار تستحق أن يدفع لها المسافر تذكرة طيران والمقدرة بـ25 ريالاً عمانياً؟ في حين أنّ المسافة الإجمالية بين المدينتين لا تزيد عن 200 كليومتر ويمكن قطعها في ساعة ونصف تقريباً.

ولماذا لم يتم تسيير رحلات من مطار صحار إلى مطار صلالة؟ وخاصة في موسم الخريف، ولماذا لم يتم تسيير رحلات من مطار صحار إلى مطار الدقم؟ وبالتالي ربط ميناء صحار والمنطقة الحرة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وهل تمت دراسة الجدوى الاقتصادية للرحلات إلى صلالة والدقم خاصة التي قدمت عروضًا في متناول الجميع؟ فمن المنطق أن يفضل المسافر دفع 25 ريالاً عمانياً ذهاباً وأيابًا بين صحار والدقم، ولكن ليس من المنطق أن يدفع نفس المبلغ بين مسقط وصحار حيث لا تزيد تكلفة الوصول بين المدينتين عن 5 ريالات عمانية بالسيارة وفي زمن قصير نسبيباً.

ولماذا لا يتم إشهار مطار صحار كمطار دولي ويتم التعاقد مع شركات طيران إقليمية لتسيير رحلات يومية من صحار وإلى مطارات جدة والطائف والمدينة المنورة لنقل الحجاج والمعتمرين، بالإضافة إلى تسيير رحلات بين صحار ومطارات الدوحة وشيراز وطهران.

وهل قامت الهيئة العامة للطيران المدني بدراسة لأعداد المسافرين العُمانيين والمُقيمين في السلطنة عبر المطارات المجاورة إلى الدوحة وإلى جدة والمدينة المنورة والطائف؟ وما أسباب إقبال العُمانيين وتفضيلهم لرحلات الحج والعمرة عبر شركات الطيران الاقتصادي في دول الجوار؟، وكيف يمكن أن تستثمر السلطنة علاقتها المتميزة مع دول المنطقة في الترويج السياحي والاستثماري للسلطنة عبر تفعيل مطار صحار حيث قرب المطار من دول تعد وجهة سياحية ومقصداً للرحلات العلاجية من قبل العُمانيين والمُقيمين في السلطنة كإيران والهند وتايلند وماليزيا وغيرها، بالإضافة لأهمية استثمار  مطار صحار في الاستفادة من الفعاليات العالمية التي ستُقام في دول المنطقة إكسبو دبي الذي سيقام في عام2020، وبطولة كأس العالم التي ستحتضنها دولة قطر الشقيقة في عام 2022م، وهل ستكون الموافقتان المبدئيتان لشركة صلالة للطيران وشركة الشرقية للطيران واللتين منحتهما الهيئة العامة للطيران المدني أمس الأول التصديق لتشغيل الطيران العام في السلطنة باكورة الموافقات للاستثمار المحلي في الطيران المدني؟.

ودمتم ودامت عُمان بخير ،،،

Saif5900@gmail.com