"الوطنية لمكافحة غسل الأموال": تعديلات القانون الجديدة تعكس الجهود الوطنية لمواجهة "جرائم العصر العابرة للحدود"

رفع المستوى التنظيمي لوحدة التحريات المالية إلى "مركز وطني للمعلومات المالية"

وقوع الفعل الإرهابي من عدمه لا ينفي جريمة تمويل الإرهاب

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

قالت اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إنّ صدور تعديلات قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يأتي في سياق دعم الجهود الوطنية المتواصلة وتعزيزاً لنظم السلطنة في مواجهتها لجرائم العصر العابرة للحدود وخصوصاً جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأضافت اللجنة - في بيان أمس عقب نشر التعديلات في الجريدة الرسمية- إن التعديلات تمّت بناءً على الملاحظات التي وردت في تقرير التقييم المشترك الذي خضعت له نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في السلطنة لعام 2010م من قبل مجموعة العمل المالي الدولية (الفاتف) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المينافاتف)، وكذلك تعزيزاً لأطر التعاون الإقليمي والدولي وإلتزاماً بالمتطلبات والمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المتمثلة في التوصيات الدولية المعدلة والمعتمدة في فبراير 2012، ومنهجية التقييم المشترك المعدلة والمعتمدة في فبراير 2013 الصادرة عن مجموعة العمل المالي الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتزاماً بمتطلبات الاتفاقيّات والمعاهدات الدوليّة ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصادق عليها من قبل السلطنة. وأشارت إلى أنّه وفقًا للمعطيات السابقة، فقد استدعت الحاجة لمراجعة قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب السابق الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (79/2010)، وعليه أصدرت اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قراراً يقضي بتشكيل فريق عمل من الخبراء والمختصين؛ حيث عمل الفريق وبشكل متواصل ومكثف على إجراء مراجعة شاملة لكافة أحكام وضوابط القانون السابق ودراسة كافة القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات والتعاميم السارية وبحث ودراسة جميع المعاهدات والإتفاقيات الأممية الصادرة ذات الصلة بمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأوضحت أنّه تم إجراء دراسة تفصيلية كاملة للتوصيات الدولية المعدلة والمنهجية الدولية والمعايير الدولية المعمول بها والتجارب المستقاة من قبل بعض الدول وأفضل الممارسات المنشورة عن مجموعة العمل المالي الدولية ونظيرتها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأطرها التشريعية اللازمة في التصدي لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

تعديلات موسعة

وتمخّض عن التعديلات القانونيّة الجديدة تعديلات موسّعة وشاملة لعدد كبير جداً من أحكام وضوابط القانون السابق، ولعلّ أبرز التعديلات الجديدة التي شملها القانون الجديد تلك المتعلقة بضوابط وأحكام المواد المرتبطة بتقييم المخاطر والتدابير الوقائية والعناية الواجبة الخاصة بتحديد هوية العملاء و"اعرف عميلك" والمستفيدين الحقيقيين، والأشخاص السياسيين ممثلي المخاطر، والعلاقات المصرفية المراسلة والعمليات المالية، والالتزامات والعقوبات على المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية والجمعيّات والهيئات غير الهادفة للربح، والعناية الواجبة خاصة تجاه الدول التي لا تطبق معايير مجموعة العمل المالي (الفاتف) بدرجة كافية، والجوانب المتعلقة بالإقرار الجمركي والتعاون الدولي، وتفعيل العقوبات المفروضة على المخالفين والتعريفات المدرجة في القانون.

ونصّت التعديلات على رفع المستوى التنظيمي لوحدة التحريات المالية لتكون على شكل "مركز وطني للمعلومات المالية" يتمتع بالشخصيّة الاعتباريّة ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري، كما تضمن القانون المعدل فصلاً متكاملاً خاصاً بالتعاون الدولي في مجال المساعدة القانونية والقضائية وتسليم المجرمين في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ومن شأن القانون الجديد المعدل لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن يعالج أوجه القصور التشريعية ودعم التدابير الوقائية الوطنية ومكافحة المخاطر الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية التي قد تترتب عن عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الصعيدين المحلي والدولي. وسوف يعزيز القانون المعدل دور السلطنة على الصعيدين الإقليمي والدولي ويرفع مستوى تطبيقها للتوصيات الدولية المعتمدة ومستوى التزامها الدولي وفق أعلى المعايير الدولية الملزمة لجميع الدول في إطار مكافحتها لجريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأوضحت اللجنة في البيان إنّ المرحلة المقبلة وموجباتها تستدعي مواصلة تضافرالجهود الحثيثة وتكثيفها من قبل جميع الجهات والأجهزة المعنية والمختصة ووضع قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المعدل موضع التنفيذ الفعلي بما يتّسق واستحقاقات المرحلة المقبلة وتطورات الأوضاع والمستجدات وبما يخدم ويعزز حماية الاستقرار الأمني والمالي والاقتصادي الذي تتمتع به السلطنة، والتزاماتها تجاه المجتمع الدولي.

نصوص المواد

ووفقا لنصوص المواد المنشورة في الجريدة الرسمية أمس فإنّ جريمة غسيل الأموال لها قواعد محدد؛ حيث يعد مرتكبا لجريمة غسل الأموال كل شخص، سواء كان هو مرتكب للجريمة الأصلية أم شخص آخر، يقوم عمدًا بأحد الأفعال الآتية: "أ- استبدال أو تحويل الأموال بقصد تمويه أو إخفاء طبيعة ومصدر تلك العائدات غير المشروعة، أو مساعدة شخص قام بارتكاب الجريمة الأصلية للإفلات من العقوبة، بـ - تمويه أو إخفاء الطبيعة الحقيقية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، ج- تملك الأموال أو حيازتها أو استخدامها عند تسلمها"، وتنص المادة على أن ذلك ينطبق في حالة إذا كان يعلم، أو كان عليه أن يعلم أو يشتبه بأنّ الأموال عائدات جريمة.

أمّا تعريف الفعل الإرهابي وفقا للقانون فإنه: "كل ارتكاب أو شروع أو اشتراك أو تنظيم أو تخطيط أو مساهمة في ارتكاب أحد الأفعال الآتيّة، أو توجيه الآخرين إلى ارتكابها سواء وقع من قبل شخص، أو مجموعة من الأشخاص تعمل لغرض مشترك: أ- كل فعل يشكل جريمة وفقًا للاتفاقيات أو المعاهدات ذات الصلة التي تكون السلطنة طرفًا فيها. ب- كل فعل يهدف إلى التسبب في الموت أو الإصابة الجسديّة الجسيمة لشخص مدني أو أي شخص آخر غير مشترك في أعمال عدائية في حالات نشوب نزاع مسلح، متى كان الغرض من هذا الفعل، بحكم طبيعته أو في سياقه، موجها لترويع السكان أو لإرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل أو الامتناع عن القيام به. ج- كل فعل يعد إرهابيا بموجب قانون مكافحة الإرهاب، أو أي قانون آخر.

أمّا تعريف الشخص الإرهابي فهو: كل شخص طبيعي سواء أكان في سلطنة عمان أم خارجها يرتكب أو يشرع، أو يشترك أو ينظم أو يخطط أو يساهم في ارتكاب فعل إرهابي، أو يوجّه الآخرين لذلك، بأي وسيلة مباشرة، أو غير مباشرة". وتوضح المادة (8) الأفعال التي تشكل جريمة تمويل الإرهاب وتنص على أنّه: "يعد مرتكبًا لجريمة تمويل الإرهاب كل شخص يقوم بإرادته وبأي وسيلة كانت بتقديم أو جمع الأموال، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مع علمه بأنّها ستستخدم كليا أو جزئيا لارتكاب فعل إرهابي أو من قبل شخص إرهابي أو منظمة إرهابية". ويشمل ذلك: تمويل سفر أفراد إلى دولة غير التي يقيمون فيها أو يحملون جنسيتها بغرض ارتكاب أفعال إرهابية أو التخطيط أو التحضير لها أو المشاركة فيها أو تسهيلها، أو توفير التمويل اللازم للتدريب على أفعال الإرهاب أو تلقي ذلك التدريب.

وتعتبر المادة 9 من القانون أنّ جريمة تمويل الإرهاب تعد تامة سواء وقع الفعل الإرهابي أم لم يقع، أيًا كان البلد الذي ارتكب فيه الفعل الإرهابي أو الشروع فيه، وسواء استخدمت الأموال لارتكاب الفعل من عدمه.

وتوضّح المادة 10 أنّه يعد فاعلا أصليًا كل شخص شرع أو اشترك بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة على ارتكاب جريمة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، ويكون الشخص الاعتباري مسؤولا عن تلك الجريمة إذا ارتكبت باسمه أو لحسابه. ومن مواد القانون، المادة 53 والتي تنص على أنه "يلتزم كل شخص يدخل أراضي السلطنة أو يغادرها، وتكون بحوزته عملات أو أدوات ماليّة قابلة للتداول لحاملها أو يرتب لنقلها إلى داخل السلطنة أو خارجها من خلال خدمة بريد أو خدمة شحن، بالإقرار عنها لسلطة الجمارك، إذا بلغت قيمتها الحد الذي تقرره اللجنة. ويجوز لسلطة الجمارك أن تطلب من الشخص معلومات إضافيّة عن مصدرها أو الغرض من استخدامها". وتتراوح العقوبات في القانون حسب جسامة الفعل المرتكب.

تعليق عبر الفيس بوك