السياسة الاقتصادية ومعيشة المواطن..!

د.سليمان المحذوري

لا يغيبُ عن المتابع للشأن المحلي أنَّ ارتفاع أسعار البنزين في السلطنة إلى مُستويات غير معهودة بات حديثَ المواطن. ولا ريب أن هذا الارتفاع جاء مواكباً للمستجدات الاقتصادية العالمية مع انخفاض أسعار النفط. وانعكاساً للسياسة الاقتصادية التي اختطتها السلطنة، فقد تم رفع الدعم الحكومي تدريجياً عن المحروقات رغم أن الفكرة لم تكن وليدة اللحظة، إلا أن الوضع الحالي أوجد بيئة خصبة ومُلائمة لتنفيذها. وفي هذا الإطار تحدث سعادة وكيل وزارة النفط والغاز للتليفزيون العُماني بأنه لا يوجد سقف معين يُوجب التوقف عن العمل بالسياسة الحالية؛ فهذا "قطار طلع من المحطة وما اعتقد راح يرجع" على حد تعبير سعادته؛ وبالتالي فإنَّ الحديث عن ارجاع الدعم مرة أخرى أمر مفروغ منه حتى وإن عادت أسعار النفط إلى سابق عهدها.

ولا شك أن هذا القرار -رفع الدعم الحكومي عن المحروقات- له ما له من الفوائد على اقتصاد السلطنة والتي لا تخفى على الساسة والاقتصاديين؛ إلا أنه في الوقت ذاته ينبغي على الحكومة النظر في الآثار السلبية لهكذا إجراءات على معيشة المواطن العادي، خاصةً إذا ما أخذنا في الحُسبان أن التصاريح الرسمية أكدت على عدم المساس بمعيشة المواطن، ولعل أهمها تصريح صاحب السمو السيد فهد بن محمود نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء "المُتغيرات الحالية على الساحة النفطية لن تؤثر على سياسات التعمين والتوظيف" ديسمبر 2014م. كما أكد معالي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية في أكثر من مناسبة "أن مستوى معيشة المواطن محفوظة ولن يتم المساس بها".

وعطفاً على ذلك، وفي ضوء الاحتقان المجتمعي، واشتعال وسائل التواصل الاجتماعي جراء السياسة المُتبعة ورفع أسعار البنزين وما يترتب عليها من آثار -مباشرة وغير مباشرة، اقتصادية واجتماعية- على شريحة كبيرة من المواطنين، ناهيكم عن تقليص فرص التوظيف، وتوقيف الترقيات المُستحقة للموظفين أشبه ما يكون بقنبلة موقوتة يُمكن أن تنفجر في أية لحظة. وسيؤدي هذا الأمر إلى ما لا يُحمد عقباه لا سيما مع وجود النوايا المغرضة لهذا البلد وأهله، وكثرة المصطادين في الماء العكر.

لذا؛ بات من الضروري الخروج عن الصمت الحكومي والإسراع بطمأنة المواطن بإجراءات فعلية تتناسب والأوضاع الحالية، وبحث السبل الكفيلة لتحقيق العيش الكريم له، وإيجاد الآليات المُناسبة لتعزيز هذا المطلب؛ درءاً للشائعات وضماناً لديمومة وجود حلقة ثقة بين الحكومة والمواطن والمُحافظة على استمراريتها. إلى جانب إيجاد وسائل أخرى أكثر نجاعة للتعامل مع هكذا أوضاع وتحديات، وامتصاص هذه الأزمة بحُسن ادارتها والاستفادة من تداعياتها حتى تعبر سفينتنا وسط هذه العواصف والأنواء العاتية بسلام إلى بر الأمان.

حفظ الله عُمان أهلها من كل سوء ومكروه....!

تعليق عبر الفيس بوك