التخطيط المتكامل.. لا الحلول الآنية!

سَيْف المعمري

في اللقاء الذي عقدته وزارة النقل والاتصالات، مطلع الأسبوع الحالي؛ للتعريف بمشاريعها الجاري تنفيذها، والمؤمل تنفيذها مستقبلا بمحافظة البريمي، برئاسة معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات، وبعد أن استعرض سعادة المهندس سالم بن محمد النعيمي وكيل الوزارة للنقل مشاريع الطرق التي تقوم الوزارة بتنفيذها بالمحافظة والخطط المستقبلية لمشاريع الطرق التي تعكف على دراستها؛ تركَّزتْ مداخلات المسؤولين بالمحافظة حول جوانب تخطيطية في المشاريع، ومطالبتهم بالتخطيط المتكامل ومراعاة جميع الجوانب المستقبلية المتعلقة بالمشاريع؛ من خلال انسيابيتها للحركة المرورية في كل الظروف، وتزويدها بالجسور والأنفاق التي تسهم في التقليل من الاختناقات المرورية، والتقليل من الدوَّارات، خاصة في الطرق الرئيسية والسريعة، والمطالبة بدراسة احتياجات المناطق السكنية والمواقع الخدمية والمؤسسات للمداخل والمخارج في الطرق وتزويدها بما يُلائم انسيابية التنقل فيها دون اللجوء إلى الحلول الانية، والتي تدفع الوزارة أحيانا إلى شق الأنفاق وبناء الجسور في الطرق التي تم إنشاؤها والتي لم يتم دراسة احتياجاتها الفعلية لتلك الأنفاق والجسور قبل وأثناء تنفيذ المشروع؛ مما يكلف الحكومة مبالغ إضافية.

وقد دلل المكرم أحمد بن محمد بن سالمين الشامسي عضو مجلس الدولة بمثاليْن؛ أحدهما: عدم ملائمة الدورات للحركة المرورية، خاصة في الطرق الرئيسية والسريعة، واستشهد على ذلك بعدم حاجة ولاية السنينة لدوار آخر؛ حيث تعتزم الوزارة إقامة دوار جديد بالولاية وطالب بإلغاء فكرة الدوار واستبداله بجسر، كذلك طالب الشامسي بضرورة التخطيط المتكامل لاحتياجات الطرق الرئيسية للجسور والانفاق، واستشهد على ذلك بطريق نزوى-مسقط حيث تقوم الوزارة بشق نفق في الطريق بمحاذاة جامع السلطان قابوس بنزوى، وقد رد معاليه على ذلك بالقول: "الدوارات تخطيط هندسي معتمد يستخدم عندما لا تكون هناك كثافة مرورية كبيرة، وأن التخطيط حينما يكون جماعيًّا واضحًا وفيه رؤية مستقبلية واضحة للجميع، ونحن نصمم الطريق بالنظرة التي نراها؛ ولكن بعد تنفيذ المشاريع تطالب بعض الجهات والمواطنين بضرورة أن يكون عندهم مدخل ومخرج وجسر أو نفق، وليس كله عيبا في التخطيط، ولكن في أسباب خارجة عن إرادتنا من تلك المطالبات".

وإن كنا لا ننكر الجهود المبذولة للوزارة في الطرق التي تواصل تنفيذها في مختلف محافظات السلطنة، ولكن لا نزال بحاجة لمزيد من الانسجام وبعد النظر وتكامل في تخطيط وتنفيذ المشاريع المستقبلية، فكيف تقوم الجهات والمواطنين بتقديم طلبات بعد تنفيذ المشروع؟ ولماذا لا تقوم الوزارة بإشراك المجتمع من خلال المجلس البلدي والحكومة من خلال المجلس الأعلى للتخطيط في رسم الخرائط التفصيلية للمشاريع قبل الشروع في تنفيذها؟ فمثل هذا اللقاء التعريفي الذي تقوم به الوزارة للتعريف بمشاريعها المستقبلية في المحافظات خطوة نوعية لإشراك المجتمع في رسم خطط وبرامج المشاريع في المحافظات.

وإن كنا نتفق مع حديث معاليه حول أنَّ الجسور مُكلِّفة ماديا ولا يمكن أن تقوم الوزارة بتحويل جميع تقاطعات السلطنة إلى جسور؛ وهناك طرق رئيسية وضعت لها الوزارة رؤية لتكون جسور تواصل بين محافظات السلطنة، فمثلا طريق صحار-البريمي تم إنشاؤه قبل 10 سنوات تقريبا، وفي حينه قامت الوزارة بإنشاء دوار حميضة بولاية محضة، والآن الوزارة تقوم بإلغاء الدوار واستبداله بجسر علوي مما أضاف أعباء مالية جديدة على الحكومة.

كذلك الطريق الذي تعتزم الوزارة إقامته والذي يربط بين ولايتي البريمي ومحضة ويلتقي بطريق محضة-الروضة، رغم أنَّ يمتد إلى 25 كيلومترا فقط، إلا أنَّ ما يؤخذ على تصميم الطريق أنه سيتضمن 5 دورات بمعدل دوار لكل كيلومتر؛ وبالتالي سيكون عاملا للاختناقات المرورية؛ لكون الطريق سيشهد حركة مرورية تجارية وسياحية واجتماعية نشطة جدا، حيث يربط مركز محافظ البريمي بإمارة دبي بدول الإمارات؛ فلماذا لا يتم استبدال جميع الدورات الخمسة بثلاثة جسور فقط، وتهيئة طرق الخدمات على طول الطريق لتكون عاملا مساعدا لتقليل الازدحامات المرورية ولتكون أكثر فعالية للجسور، حيث إن تكلفة 5 دورات وإلغائها بعد سنوات معينة ستكون ذات أعباء إضافية على الحكومة.

فطريق الباطنة الحالي بدواراته المتعددة وما سببته من اختناقات مرورية متواصلة دفع بالحكومة لوضع خطة لإلغاء جميع الدورات واستبدالها بجسور، فماذا لو كان تخطيط وتنفيذ الطريق في الماضي بجسور بدل الدورات الحالية، وهل تكلفة إنشاء الجسور في الوقت الحالي ستكون بنفس التكلفة في المستقبل؟! ولماذا لا يتم الاستغناء عن الدورات واستبدالها بإشارات ضوئية للتوازن بين التكلفة الحالية للجسور وبين انسيابية الحركة المرورية؟ّ فتكلفة استبدال جسر بإشارات ضوئية ليست كتكلفة إزالة دوار بجسر، كما يمكن الاستفادة من أعمدة الإشارات الضوئية في مواقع أخرى بعد إزالتها.

لذا؛ أصبح من الأهمية على جميع المؤسسات والمجالس البلدية الشراكة والتكامل في التخطيط، وتغليب المصلحة العليا للوطن، وبناء مشاريع ذات بُعد إستراتيجي مستدام.

دمتم ودامت عُمان بخير...!

Saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك