الشعرة التي ستقصم ظهر البعير

مرافئ اقتصادية

كنت أعتقد ويعتقد معي البعض أنّ على الحكومة أن توفر لنا الوظائف في بلادنا وأنّه يجب عليها أن تقوم بتوظيفنا فيها، وكنت أيضاً أعتقد بأن فكرة العمل قائمة في أن تقوم أجهزتها المتنوعة بتوفير عمل وراتب في نهاية الشهر، وكأن العملية قائمة على فكرة الضمان الاجتماعي الذي يوفر مبلغاً مالياً في نهاية كل شهر دون الالتفات إلى ما قدمت للمستفيد.

كبرنا مع وظائفنا وكبرت معها نظرتنا للعمل، وهذا هو ديدن النظرة الإنسانية، وأدركنا بأن العمل ما هو إلا رسالة سامية أرادت لنا الحكومة بأن نعيها بكامل تفاصيلها وتحدياتها وتطلعاتها، فاليوم أصبحنا ندرك حجم تطلعات مجتمعاتنا لتوفير خدمة نوعية أو منتج ذي كفاءة اقتصادية واجتماعية عالية، وأضحت النظرة التقليدية التي يراها الموظف في نفسه، غائبة تماماً لأنّه ومع الشعور بالمسؤولية تظهر حقائق الأمور وتتجلى الرسالة الوطنية في أسمى وأرقى وأنبل معانيها.

لن ندخل في تفاصيل الأمور النفسية والثقافية والاجتماعية، فهذه مساحة خاصة يتحمل كل موظف مسؤوليته فيها، ولكني سأتطرق إلى مساحة يتشارك فيها المواطن/ المستفيد، مع جميع الموظفين الذين يعملون في المنافذ الأمامية في جهات عملهم وأيضًا ممن تقع عليهم المسؤولية في إنهاء إجراءات الخدمة، وهذه مساحة أعتقد بأنّها تهمنا جميعا.

كلنا يؤكد بأن هناك العديد من الخدمات الحكومية التي مع إنهائها بإجراءات مبسطة وسريعة ومنسقة مع الجهات ذات العلاقة، تجلب الكثير من المنافع ولعل من أهمها الرسوم المالية المرصودة والتي تعود لخزينة الدولة إلى جانب التأثير الاقتصادي من إنهاء الخدمة، وهذه العملية يطالب بها السواد الأعظم من المستفيدين من تلك الخدمات وأيضًا تصب في صالح الاقتصاد الوطني، وهنا أعتقد بأن على الموظف أن يدرك أهمية دوره في إنهاء تلك الإجراءات وعدم تعقيدها بمتطلبات كثيرة والتسريع بترميزها في توقيت زمني معين، ورفع التقارير والتصورات التي تساعد جهة عمله في تفعيل التنسيق المشترك مع الجهات ذات العلاقة، إلى جانب تنوير أصحاب القرار في مؤسسته بأهمية اتخاذ تلك التدابير وتنفيذ الإجراءات الفاعلة.

وإلى جانب ذلك أجد مساحة أخرى من الجيد أن يعيها الموظف والمتمثلة في معرفة الإجراءات والمتطلبات الخاصة بالمعاملات التي يقوم بإنهائها وأخذ المفيد منها وتقييم بقية المستندات غير الضرورية تمهيدًا لتطوير الإجراءات بما يضمن السرعة والكفاءة العالية في إنهاء تلك المعاملة الاقتصادية.

ومع كل تلك التحسينات، فإنّه لا أحد ينكر دور الموظف في المؤسسات الحكومية بتذليل التحديات والعمل على تطوير مؤسسته، وهنا نقف تقديراً واحتراماً لهذا الدور المهم والحيوي، ونتطلع للمزيد من الجهد والتطوير كي نعظم عوائدها الاقتصادية، وأعتقد أن علينا جميعاً إدراك هذا الدور والمساهمة في تطوير الأداء بما يحقق الرضى النفسي والحسي في خدمة الوطن.

محمد بن عيسى البلوشي

كاتب وصحفي اقتصادي

Pr.alwaraq@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة