"واشتعل الرأس شيبا"

طالب المقبالي

(قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) صدق الله العظيم.

طبيعي أن يمر الإنسان بمراحل عمرية في حياته تبدأ بمرحلة الطفولة ثم مرحلة الشباب ثم مرحلة الشيخوخة وهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "اللّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ "صدق الله العظيم.

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشَّيْبُ نُورُ المُؤْمِنِ، لَا يَشِيبُ رَجُلٌ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِكُلِّ شَيْبَةٍ حَسَنَة وَرُفِعَ بِهَا دَرَجَة".

وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الشَّيْبُ نُورٌ فِي وَجْهِ المُسْلِمِ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَنْتِفْ نُورَه.

وفي أيامنا هذه نلاحظ كثير من الناس وخاصة الموظفين وما أبرئ نفسي، بأنه عندما يبدأ الشعر في المشيب يبدأ في تخضيب شعره لتغيير لونه.

فمنهم من يخضب شعره بالحناء وهو النوع المباح، ومنهم من يخضب شعره بالسواد.

وقد عثرت على فتوى لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة حفظه الله نشرت في موقع سبلة عمان عام 2008 عن حكم صبغ الشعر.

يقول السائل :

ما حكم صبغ الشعر بالنسبة للرجل سواءً كان الصبغ بالأسود أم بغيره من الألوان؟

الجواب:

أما الصبغ بالسواد فلا، لأن السواد فيه تغرير، وفيه معاكسة للحكمة الربانية، فإنّ الإنسان إنما يتطور من طور إلى طور ليكون في كل ذلك تذكير له بلقاء الله سبحانه والانتقال من هذه الدنيا، ولذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد صحح هذا الحديث الحافظ العراقي أنه قال: من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة.

ويتردد إلى مسامعي منذ الطفولة أنّه ورد في الأثر أنّ سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام عندما شاهد الشيب في رأسه قال: رب ما هذا؟ فقال الله عزَّ وجلَّ : هذا الوقار، فقال إبراهيم عليه السلام: اللهم زدني وقاراً..

والملاحظ أيضا أنّ البعض يكون قد أطلق لحيته، فعندما يجتاحه الشيب يحلقها أو يقصها لدرجة ظهور لون الجلد من أجل إخفاء الشعر الابيض.

والغريب من هذا أنّ كثير من الناس يعتقدون أنّ بياض الشعر سوف يفقدهم عملهم، وهذا اعتقاد خاطئ.

كما يعتقد آخرون أنّ الشيب مؤشر لبدء فقد فحولتهم، وهذا أيضا معتقد خاطئ.

فالفحولة والرجولة لا تفقد بمجرد ظهور الشعر الأبيض وإنما تتوقف على العوامل النفسية والتغذية الصحية.

وهناك بشرى زفتها جريدة "الرؤية" للمهتمين بهذا الموضوع أنّه نجح علماء في تحديد الجين المسبب للشيب ويقولون إنّ هذا الكشف قد يؤدي إلى تطوير أساليب جديدة تؤخر أو تمنع تمامًا هذه الصفة الحتمية المصاحبة للتقدم في العمر.

 muqbali@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك