اكتشاف كنز من الأسلحة في موقع المضمار بأدم يعود للألفية الأولى قبل الميلاد

أدم - الرُّؤية

يُعدُّ كنز الأسلحة واحدًا من أهم وأندر الاكتشافات الأثرية الحديثة على مستوى السلطنة. والاكتشاف عبارة عن أسلحة نحاسية تتكون من خمسة أقواس وجعبتي سهام مصاحبتين لخناجر وفؤوس جميعها سليمة، على الرغم من مضي أكثر من 2600 عام عليها، وهي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على أقواس وجعب نحاسية؛ حيث جرت العادة العثور على سهام منفردة أو على شكل كومة ملتصقة مع بعضها وبدون جعب أو أقواس، وهذا الاكتشاف هو ثمرة للتعاون بين الوزارة وجامعة السربون الفرنسية الذي بدأ منذ 2011م في ولاية أدم، والذي هدف إلى التعرف على الأنماط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمعات القديمة التي عاشت في عُمان في العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي والعصر الحديدي.

وعُثر على هذه المكتشفات الأثرية في موقع أثري شرق جبل المضمار بولاية أدم، وهو عبارة عن مجمع من 4 مبانٍ معزولة في الصحراء، حيث لا توجد مستوطنات بالقرب من هذا المجمع والذي شيد على حافة جبل المضمار ويطل على الصحراء، وهو موقع إستراتيجي واقع على طريق وادي حلفين. وقد بدأ التنقيب في هذا المجمع منذ عام 2015م، وتركز في المبنى 1 وهو أكبر مباني المجمع وتصل أبعاده إلى 8×15 مترًا، وبمساحة إجمالية تصل إلى 120 مترا، وهو مربع ذو توجيه شرق غرب ويحوي على 5 غرف، ومن خلال المكتشفات الفخارية والمعدنية التي عثر عليها بالمبنى تم تأريخه إلى العصر الحديدي الثاني (900 إلى 600 قبل الميلاد)، ويبدو أن استخدامه استمر إلى ما قبل الإسلام أو ما يسمى فترة سمد (200 قبل الميلاد إلى 200 ميلادية).

والمخطط العام لهذا المبنى مستطيل، يتكون من 3 أجزاء، تضم المدخل والأروقة والغرف الملحقة والغرفة الرئيسية، ويطل المدخل مباشرة على ساحة وغرفة صغيرة بها مدخل صاعد يرتفع ثلاثة درجات، وعلى جانبي هذا المدخل غرفتين صغيرتين إحداها مستطيل والثانية مربعة الشكل، ويوصل هذا المدخل إلى الغرفة الرئيسية التي يبدو أنها غرفة الاجتماعات، وهي قائمة على عمودين في الوسط، وقد بني هذا المبنى من عدة مواد؛ حيث شيدت أساسات الجدران من حجارة جيرية من نفس جبل المضمار، وشيدت قاعدة أرضية المبنى بحجارة رملية بنية أو حمراء جلبت من شرق الموقع بمسافة 12 إلى 15 مترا، وقد بنيت الأجزاء العلوية من المبنى بالطوب اللبن. ويبدو أن هذا المبنى كان ذا أهمية لدى سكان الموقع في العصر الحديدي حيث بني بمواد ثابتة وفي مكان معزول لا توجد آثار مستوطنة تجاوره.

وعُثر على جميع الأسلحة على أرضية إحدى الغرف، ويبدو أنَّها كانت موضوعة على رفوف، إلا أنَّها سقطت مع الزمن نتيجة انهيار المبنى. ويبدو أن الأقواس وجعب الأسهم هي نماذج لأسلحة غير حقيقية؛ حيث إنَّ مقاستها أصغر من الأسلحة الحقيقة، كما أنَّها بالكامل مصنوعه من النحاس، وهنالك احتمال أن هذه الأسلحة كانت عبارة عن هدايا كان يتم تبادلها بين الناس، وكان يتم تعليقها على جدران هذا المبنى.

وتكشف التنقيبات الأثرية المستقبلية في المبنى والمباني المجاورة المزيد من المعلومات عن طبيعة هذا الموقع واستخدامات هذا المبنى والمباني المجاورة له ونمط الحياة لدى السكان في هذا الموقع في العصر الحديدي.

تعليق عبر الفيس بوك