قاعة إنجاز بلا إنجاز!


خالد بن علي الخوالدي

كلٌ يدعي وصلاً بليلى

وليلى لا تقر لهم بذاك

إن كل المؤسسات الحكومية ترفع شعار حب العمل، وضرورة التسهيل على المراجع، وتنادي بتبسيط الإجراءات وتسهيل المعاملات وفتح الاستثمار وكلها تقريبا ترفع هذا الشعار أينما حلت وولت وهو الحال، كما قال الشاعر حيث يدعى كل العشاق وصلا بليلى وحبا لها وهي لا تقر لهم بذلك، وإنما يتوهمون الحب بينما هي لا تبادلهم نفس المشاعر ولا تقر حبهم، وواقع حال مؤسساتنا كذلك فالمواطن يستمع ويتابع في الإعلام ووسائله الكثير من الغزل الإعلامي المرتب والمنسق وعندما يواجه الواقع يرى ويصادف شيئا آخر.

وهذا لا يعني أنّ كل المؤسسات على نفس المنوال بل نقر ونعترف بأنّ هناك مؤسسات حكومية تعمل بجهد منقطع النظير واستطاعت تسهيل الكثير من المعاملات للمواطنين والمقيمين وتطوّرت تطورا كبير في مجالات كثيرة أهمها التعامل الإلكتروني والذي تعمل الحكومة جاهده لتحقيقه من خلال تنفيذ الحكومة الإلكترونية ونذكر هنا شرطة عمان السلطانية وغيرها من المؤسسات التي تعمل باجتهاد من أجل تقديم خدمات إلكترونية متطورة.

وما أردت التطرق إليه في مقالي هذا هو خدمة وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه من خلال ما يسمى (قاعة إنجاز) فعلى الرغم من أنّ الفكرة متميزة إلا أن هناك خللا في التنفيذ نرجو من الوزارة والبلديات التابعة لها تفاديه تحقيقُا للمصلحة العامة وتسهيلا وتبسيطا للمراجع الذي ينتظر خدمة راقية في وقت قليل، وندرك قيمة ومكانة العمل المقدم بهذه القاعة التي تخدم شريحة كبيرة من المجتمع ولها دور في دفع عجلة الاقتصاد والتجارة في السلطنة من خلال توثيق عقود الإيجار وإصدار التصاريح البلدية وغيرها من المعاملات ذات الطابع الفني مثل إباحات البناء وخلافه، ولكن ومن المؤسف أن هذه القاعة ذات المسمى الكبير تتسم بالبيروقراطية المقيتة فغياب ركن من أركانها يعطل مصالح المئات من المراجعين فعلى سبيل المثال لا الحصر تجديد ترخيص بلدي يستغرق من الوقت دوامًا رسميًا كاملا وفي بعض الأحيان يومين نظرًا للقنوات التي تمر بها هذه المعاملة فموظف يستلم الطلب وآخر ينقله للتخزين، وبعدها للمحاسبة، ومن ثمّ لرئيس القسم ليصدر الترخيص الذي ينتظر التوقيع عليه من موظف آخر، إنّ كل هذه القنوات من أجل تجديد ترخيص بلدي واحد فقط، وإذا ما قدر الله وخرج أي واحد من الموظفين في هذه السلسلة لأي ظرف فعلى المراجع أن يكتم أنفاسه ويراجع حساباته ويعطل أعماله فهو راجع في اليوم الثاني لا محالة.

وبما أننا في دولة واحدة ونسعى لتحقيق هدف واحد أدعو وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه للاستفادة من تجربة بلدية مسقط في هذا المجال حيث لا يستغرق تجديد ترخيص بلدي إلا خمس دقائق فقط، فهناك موظف واحد يستلم المعاملة ويحاسب ويوقع على الترخيص ولا يوجد أيّ شيء ينغص على المراجع، وهذا بحق هو التسهيل الذي يطلبه المراجع والخدمة الجليلة التي يمكن أن تقدمها المؤسسة.

إنّ على وزارة البلديّات الإقليميّة وموارد المياه وغيرها من مؤسسات الدولة الابتعاد عن المركزيّة والبيروقراطية والانطلاق في سماوات إعطاء الصلاحيات للموظفين والثقة فيهم والعمل بلا مركزية من أجل تقديم خدمات أكثر سهولة وبساطة وسلاسة، أمّا إذا ظلّت وزارة البلديات بهذه البيروقراطيّة المذلة للبشر فعليها أن تغير اسم القاعات المنتشرة في معظم محافظات السلطنة من قاعة إنجاز إلى قاعة (اللا إنجاز) لأن الإنجاز له أسسه وضوابطه ومعاييره وليس كلمة تقال وترفع فقط، ودمتم ودامت عمان بخير.

 Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك