الإدارة التعليمية والوقت

خلفان العاصمي

الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش منفردا ولا يستطيع الاستغناء عن جهود الآخرين من أجل تسهيل أموره الحياتية، وكانت حاجته للآخرين قديمًا سهلة وبسيطة وغير معقدة ولكن كلما زادت الحياة تعقدًا وتحضرًا أصبحت حاجة الإنسان أكثر إلى الآخرين، وتأتي عملية الإدارة لتكون الوسيلة المهمة لتنظيم الجهود الجماعية، ومن هنا كانت حاجة الإنسان ماسة للإدارة، وأصبحت ضرورية للفرد وللجماعة فالفرد بحاجة للإدارة لتنظيم وتسيير أموره وأمور أسرته، والمؤسسة أي مؤسسة بحاجة للإدارة من أجل تنظيم أمورها وتنظيم تفاعل مدخلاتها المختلفة، ولقد اصبحت الإدارة عملية هامة في المجتمعات الحديثة بل إنّ أهميتها تزداد باستمرار بزيادة مجال الأنشطة البشرية واتساعها من ناحية، واتجاهها نحو مزيد من التخصص والتنوع والتفرع من ناحية أخرى، وقد أحدثت التطورات التكنولوجية وما زالت تحدث تغييرات كثيرة في تشكيل الإدارة وأنماطها وأصبح على القائمين بأعمال الإدارة أن يواجهوا باستمرار تحديات التنظيم البشري، والعلاقات الإنسانية وتعقيداتها، بل أن أهم ما يميز الإدارة أو يوضح سماتها هو استخدامها وتطبيقاتها لأساليب ميادين متعددة من المعرفة وقد اصبحت اليوم تعرف بعلم وفن التعامل مع البشر واستقطاب تعاونهم وتنسيق جهودهم من أجل تحقيق أهداف منظمة معينة، ولقد تطور الفكر الإداري خلال سنوات طويلة من الممارسات واتسم بسمات ميزت كل مرحلة من حيث أنواع المتغيرات التي اتجه إليها اهتمام علماء الإدارة ومن حيث المفاهيم والفلسفات التي استند اليها هؤلاء العلماء في تفسيرهم لأبعاد الظاهرة الإدارية.

تعتبر الإدارة التعليمية نتاجا لهذا التطور في الفكر الإداري حيث أخذت من الإدارة العامة مبادئها وقوانينها وأصولها، وكانت الإدارة التعليمية جزءا من الإدارة العامة إلى أن استقلت عنها وأصبحت علمآ قائما بذاته في عام 1946، ولقد حظيت الإدارة المدرسية باهتمام كبير في الدراسات التربوية لما لها من دور هام وآثار بارزة في إنجاح العملية التعليمية، فمدير المدرسة يعتبر مسؤولا عن قيادة جميع الجهود والقوى التي يعايشها ضمن إطار عمله وتوجيهها لبلوغ الأغراض المنشودة، وهو المسؤول عن سير الأعمال المدرسية من حيث فعاليتها ونشاطاتها وتقدمها بالإضافة إلى مسؤوليته في توفير وتهيئة جميع التسهيلات اللازمة للعملية التربوية فالإدارة المدرسية لا تقتصر على تسيير شؤون المدرسة الإدارية بشكل رتيب بل هي عملية تجمع بين النواحي الإدارية والفنية معآ، كما أنها عملية إنسانية تهدف إلى توفير الظروف والإمكانات المتاحة التي تساعد على تحقيق الأهداف التربوية .

وتتغير وظيفة المدرسة من عصر لآخر تب'ى لعوامل متعددة منها نظرة المجتمع إلى العملية التربوية، والأيديولوجيا التي توجه الفكر التربوي، والظروف السياسية والاقتصادية التي تسود النظام التربوي، ونتيجة لذلك فقد شهدت السنوات السابقة اتجاها جديدا في الإدارة المدرسية فلم تعد وظيفتها تسيير شؤون المدرسة سيرا روتينيا ولم يعد دور مدير المدرسة كحافظ للنظام والتأكد من سير المدرسة وفق البرنامج والجدول المحدد فقط بل اصبحت هناك ادوار اخرى سواء في الأدوار العامة للإدارة المدرسية أو في الدور المحدد لمدير المدرسة.

وتعتمد الإدارة المدرسية في تحقيق أهدافها على توجيه جهود العاملين من معلمين وغيرهم لتحقيق أهداف محددة واستغلال الموارد المختلفة والمتاحة استغلالا حسنا، ويعتبر عامل الوقت أحد أهم هذه الموارد التي يجب على مدير المدرسة الناجح أن يركز جهوده نحو استغلاله الاستغلال الأمثل، خاصة وأنه من العوامل الثابتة أي التي لا يمكن زيادتها، ويعتبر من العوامل الحاسمة في التخطيط، الأمر الذي يحتم على مدير المدرسة الناجح مراعاة هذا العامل عند التخطيط للأعمال المدرسيّة إلى جانب استخدامه الاستخدام الأمثل.

وفي مجال التنظيم أصبح واضحا أن التنظيم الجيد يقلص الزمن المطلوب للإنتاج أو الخدمات ولا شك أن التنظيم الجيد يعكس السمات التي تظهر كل منها اهمية الوقت في التنظيم من حيث التفاهم، التعاون، التوافق والاتساق، والتنسيق إلى آخر هذه السمات، وبصفة خاصة تحديد مهام واختصاصات العاملين وتحديث وتبسيط الإجراءات باستبعاد ما هو غير ضروري وما إلى ذلك، وتظهر أهميّة الوقت في التوجيه باعتباره ملازما للتخطيط وأيضا في عملية اتخاذ القرارات التي هي جوهر الإدارة كما تظهر في الرقابة حيث يتم الكشف عن الأخطاء أو منع وقوعها في الوقت المناسب، كما تظهر اهمية الوقت ودوره في شكل الرقابة من حيث زمن إجراءاتها وما إذا كانت ذاتية أو خارجية وغير ذلك من الجوانب المتعلقة بعمل الإدارة المدرسية.

تعليق عبر الفيس بوك