أين قانون الخدمة المدنية الجديد؟

سيف المعمري

في مثل هذا اليوم من عام 2013، صدرت الأوامر السامية بتوحيد جدول الدرجات والرواتب لموظفي القطاع المدني بوحداته وهيئاته ومؤسساته، والعمل به ابتداءً من الأول من يناير 2014م، مع مراعاة عدم الإضرار بأي موظف يتقاضى راتباً أعلى من الراتب الذي سيقرِّره الجدول، وقد جاءت الأوامر السامية انطلاقاً من الفكر السديد لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أبقاه الله- الذي يرى في الإنسان أنه هدف البناء التنموي وغايته في هذا البلد العزيز، وحرصا من لدن جلالته على تهيئة سبل الحياة الآمنة الكريمة للمواطنين لمواصلة دورهم المنشود في مسيرة التنمية الشاملة بكل أمانة وإخلاص وتفان واستمرارا لأنعم الله التي تمثلت في منجزات النهضة المباركة التي عمت أرجاء أرض عمان الطيبة.

وتنظيما لواجبات وحقوق العاملين في القطاع المدني بالدولة، وضبطا لكل ما يتصل بتعييناتهم وترقياتهم وإجراءات أداء وظائفهم والتزاماتهم تجاه وظائفهم والبعد عن كل تصرف أو سلوك يخرج عن نطاق قانون الخدمة المدنية في التعبير عن طلباتهم ورغباتهم ومنافعهم وغيرها، فقد أمر جلالته -حفظه الله- بتشكيل لجنة من مختلف الوزارات ذات الصلة بإعادة دراسة قانون الخدمة المدنية الحالي وغيره من القوانين الوظيفية المعمول بها في مختلف وحدات الجهاز المدني التي سيطبق عليها الجدول الموحد وذلك للوقوف على وجه القصور فيها، كما ثبت من التطبيق الواقعي لها، وتوحيدها في قانون خدمة مدنية واحد ينطبق على جميع الوحدات التي ستطبق الجدول الموحد على أن تنهي أعمالها وتقدم قانونا جديدا في موعد لا يتجاوز شهر يوليو 2014م.

ولا يزال موظفو القطاع المدني يترقبون بشغف قانون الخدمة المدنية الجديد الذي تعكف اللجنة المشكلة من مختلف الوزارات لدراسته، خاصة فيما يتعلق بالترقيات وعلاوات طبيعة العمل؛ وفي كلِّ عام يترقب الموظفون المستحقون للترقية ترقياتهم والتي عادة ما يكتنفها الغموض فمثلا في العام الماضي حصل موظفو دفعة 2009 على ترقياتهم بين شهري سبتمبر وأكتوبر وبأثر رجعي اعتبارا من الأول من يناير من العام 2014م، بينما لا يزال الموظفون من دفعة 2010م يترقبون مصير ترقياتهم التي يستحقونها من الأول من يناير من العام 2015م والذي لا يوجد حتى الآن تطمين رسمي على مصير ترقياتهم؛ وربما يرى البعض أنَّ المطالبات بالترقيات غير مقبولة في الوقت الحالي والتي يعزونها لأزمة انخفاض أسعار النفط التي تتأثر بها السلطنة كغيرها من الدول النفطية في المنطقة، لكن السلطنة -ولله الحمد- وبفضل سياستها المالية الحكيمة، قامت بإجراءات احترازية منذ مطلع العام الحالي ولا تزال، وأكدت مرارًا أنَّه لا تأثير من تلك الإجراءات الاحترازية على معيشة المواطن وتوفير سبل الحياة الكريمة له.

ولا شكَّ أنَّ مَنْح الموظفين ترقياتهم في موعدها له أثر مادي ومعنوي على حياتهم العملية والاجتماعية؛ فالموظف يبني أحلاما كبيرة عند حصوله على الترقية وتعني له الكثير في تنظيم حياته الأسرية؛ حيث يتطلع إمَّا لبناء منزل أو شراء سيارة أو ادخاره مبلغ زاد في راتبه الشهري، خاصة الموظفين من أصحاب الدرجات الدنيا.

كما أنَّ الموظفين ما زالوا ينشدون الإنصاف في القانون الجديد -خاصة في سنوات الترقية- والكثير منهم يتساءل: لماذا يُوجد تباين في سنوات الترقية من وزارة لأخرى؟ ولماذا توجد ازدواجية في تنفيذ إجراءات الترقية للحاصلين على مؤهلات جامعية من وزارة لآخرى؟ ولماذا تقوم بعض الوزارات بترقية موظفيها بعد أربع سنوات، بينما في وزارات أخرى كوزارة التربية والتعليم مثلا لا يترقى الموظفون قبل السنة الخامسة، صحيح أنَّ وزارة التربية والتعليم تضم 60% من موظفي الخدمة المدنية؛ ولكن يَبْقَى الموظفون في الوزارة كغيرهم من موظفي الحكومة يؤدون واجباتهم الوظيفية، كما نصَّ عليه قانون الخدمة المدنية الحالي.

كما أنَّ هناك أوضاعًا يُتطلب الوقوف عندها لبعض الموظفين في مؤسسات الخدمة المدنية ممن يحصلون على المؤهلات الجامعية وهم على رأس عملهم وبموافقة من مؤسساتهم، خاصة الذين تم توظيفهم في الدرجات الدنيا، فهل يُعقل أن يحرم موظف من الدخول في التنافس على وظيفة في المؤسسة التي يعمل فيها؛ بسبب درجته المالية الحادية عشرة؛ رغم أنه حاصل على درجة البكالوريوس منذ 2008م ولم يتم تصحيح درجته المالية رغم مطالباته المستميتة ولكن دون جدوى.

تُرى، هل سيأتي قانون الخدمة المدنية المرتقب ليجيب عن جميع تساؤلات موظفي القطاع المدني؟ وهل تحتاج الترقيات إلى مطالبات من الموظفين، أم أنَّ الحكومة ستضعها ضمن أجندتها ومسلماتها في مطلع كل عام؟ وهل سيتدارك قانون الخدمة المدنية الجديد وجه القصور كما ثبت من التطبيق الواقعي للقانون الحالي؟

Saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك