خواطر إقتصادية متناثرة: "التقشـّف"... سياسة دول أم أسلوب حـياة..!


د.سعـد بساطـة/استشاري مشروعـات
sadbsata@Gmail.com


نسمع كلمة "التقشف" Austerityفي الإدارات.. ويعني: ضغـط المصروفات وتحفيف الاستهلاك ومنع الهدر، منزليا ً أو حكوميا ً أو مؤسساتياً! نستخدمه كإجراء إحتـرازي أو عـلاجي إبان فترة الأزمات....!وبالعـامية ((العـين بصيرة واليد قصيرة))!!
يتمسـّك به مدراء المالية في المؤسسات والوزارات، ولكنه أضحى تعـبيرا ً مطروقا ً مؤخراً ، لاسيما بعـد أن سيطر عـلى جوهرالمباحثات التي جرت - وتستمر- بين أعرق حضارات الأرض "الإغـريق"، والاتحاد الأوروبي ( EU ).
وبناء ً عـلى استبيان تم تطبيقه مؤخرا ً ضمن عشرة دول من الأغـنى في عـالمنا (الولايات المتحدة، بريطانية، هولندة، إيطالية، أسبانية، السويد، سويسرة، ألمانية، فرنسا ، هولندة) ؛ فقد اختارت نسبة تتراوح مابين الـ 8% و الثلث: الاستمرار بالإنفاق، في حين ارتأى الباقي كبح الانفاق واتباع إجراءآت تقشفية,,,
أورد مثالين: واحد عربي من غـابر الزمان؛ والآخر غـربي معـاصر.000
حديث سيدنا عـمر بن الخطاب في عـام الرمادى مع معـدته التي قرقرت فيما هو عـلى المنبر يخطب بالمسلمين، قائلاً " قرقري أو لاتقرقري,,فلن تذوقي السمن حتى تذوقه كل أمـــة محـمـد".. ((جاعـلاً الحاكم قدوة ً قبل الشعـب كله))!
وخوسيه موخيكا رئيس الأورغـواي- 2010 الذي يكتفي بـ 10% من راتبه البالغ 12 ألف $ (كونه يكفيه ويفيض) تاركا ً الباقي للجمعـيات الخيريـة، ومستخدما ً سيارة (فولكسفاجين صغـيرة قديمة ) لتنقلاته..
التقشـّف ببساطة:
يعـني تخفيف المصروف بشأن الاحتفالات والولائم الرسمية، ومظاهر البذخ، مع اتــّباع سياسات تجعـل من الوزارات قــــدوة قبل أن تعـِظ غـيرها!
ومنزلياً قد يعـني: شراء عـيدان الملوخية بدل الورود، وسهرة منزلية أمام التلفاز بدل ارتياد مطعـم ما,,
الآن: ماذا يعــني عـلى صعـيد الدول؟؟؟ وكيفية تطبيقه,,!
يتضمـّن رفعـا ً للضرائب والجمارك - لاسيما عـلى السلع الكمالية- ، ووقف التوظيف بالدولة، وتخفيض الرواتب والعـلاوات، والتدريب المحلي بدل البعـثات الخارجية، وتجميد المشروعـات التي مـاتزال ببداياتها... الخ
قد لايقتصر الأمر في القارة العـجوز عـلى اليونان فهو ينتشرلثلث أوروبا ( أسبانيةـ البرتغـال ـ إيطالية,,)..ويهدّد دولا ً أخرى في العـالم، وكما يقول مفكر معروف "الصحة لاتعـدي، فقط..المرض يعـدي"!
إنّ موازنة دولة ما تتكوّن من نوعـين من الاستثمار: إنفاق استثماري، وإنفاق جاري، والسياسات الإقتصادية/المالية الحكيمة تقتضي المحافظة عـلى توازن دقيق (هارموني) بينهما.. آخذين بالاعـتبار عـدم المس بأساسيات الشعـب (تعـليم، صحة، وموضوع المتقاعـدين ومحدودي الدخل)! توازن قلق ولكن ضروري لاستمرار تدفق الدماء في شراييـن البلاد..دون أن يمس الطبقة الهشة اقتصاديا ً في المجتمع!
لاننسى معـالجة موضوع الهدر: كم نهدر من الموارد في ((المياه ـ الكهرباء ـ المواصلات ـ الطعـام ))، فلو حاولنا بشكل مبسـّطممارسة بعـض العـقلانيـة في مصروفنا المنزلي [ البيت هـو الخلية الأولى والأصغـر في المجتمع ] ، للمسنا بواكيرالنتائج المبشـّرة في نهاية كل شهر...
"مـدّ رجليك عـلى طول بساطك" قول بسيط ولكن مضمونـه عـميق، دون عـجرفة أو بذخ، فما يمارسه الأب في بيته، يقلـّده الأطفال - لاشعـورياً-...والإدّخار يتم باقتطاع نسبة من الدخل، لا العـكس المتــّبع بالعـادة بانتظار مايزيـد آخر الشهر من الراتب!!
ختاماً: كثيرا ً ما كرّرت جدتي قولها "خبـّي قرشك الأبيض ليومك الأسود"، وهذا ماعـبـّرت عـنه أمة شكسبير بقولها "Save your penny for a rainy day"
ليحفظـ المولى برغـايته بلادنـا من الأيام ٍ الكالحة السواد..

تعليق عبر الفيس بوك