كيف نربي الناشئة على حب النبي ؟

تربية النشء على حب النبي عبادة.. وتساعد على بناء شخصية الطفل

ناصر بن خلفان البادي

إن تربية النشء على حب النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، إذ تساعد تلك التربية على بناء شخصية الطفل وتحقيق العديد من الفوائد والثمرات في سلوكه وفكره وتصرفاته، ويمكن للمربي أن يغرس ويربي ذلك الحب والارتباط بالرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس أطفاله من خلال وسائل وطرق عديدة تجعل الطفل يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوة ومثالا في حياته استجابة لأمر الله تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة".

إنّ حب النبي صلى الله عليه وسلم من أزكى ما يتقرب به العبد إلى ربه، ونحن حينما نربي أطفالنا وشبابنا على محبته فإننا في الحقيقة ندربهم على العبادة والعمل الصالح، فحب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله تعالى، وحب النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يدفع المسلم إلى الطاعات والأخلاق الفاضلة، وحب النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يشعر المؤمن بحلاوة الإيمان، عن أنس رضي الله عنهأن رسول الله عليه الصلاة والسلامقال : "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار". وحب النبي عليه الصلاة والسلام علامة على صدق الإيمان، عن أبي هريرة رضى الله عنهأنّ النبيصلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده".

إنّ تربية الناشئة والشباب على محبة النبي صلى الله عليه وسلم يحقق كثيرا من الفوائد والآثار الطيبة في شخصياتهم، فتلك التربية تزيد من ارتباطهم الروحي والقلبي والفكري بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالتالي بسنته الكريمة وأخلاقه الفاضلة العالية، كما أنّ تلك التربية على محبته تساعد على ربط الناشئ بالقدوة الصالحة، بدلا من بحثه عن قدوة سيئة أو ناقصة، فكما نعلم بأنّ الحاجة إلى القدوة والمثال الأعلى هي حاجة فطرية متأصلة في النفس البشرية، ولذلك فقد بعث الله الأنبياء يطبقون منهاجه وهدايته أمام الناس ليقتدوا بهم، فأنت حينما تربي طفلك على محبة النبي صلى الله عليه وسلم فإنك تلبي احتياجه وتعطشه إلى القدوة والمثال الأعلى، فتكون تلك القدوة التي يشتاق إليها الطفل ويتمثلها في سلوكه هي النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا تصل إلى مستواه أي قوة أخرى في الدنيا. كما أنّ التربية على محبة النبي عليه الصلاة والسلام تساعد على تعديل سلوكيات الأطفال السيئة، فهم حينما يحبون النبي عليه الصلاة والسلام ويرتبطون به ويتعرفون على قصصه وسيرته وأخلاقه فإنّهم سيتبعون تلك الأخلاق، وبالتالي يتعدل سلوكهم السيء، إلى غير ذلك من الفوائد الجمة الكثيرة التي ستؤثر في شخصيات الناشئة تأثيرا إيجابيا.

إن تربية الناشئة على محبة النبي عليه الصلاة والسلام والارتباط به واقتفاء سنته مسؤولية كل مرب ومربية وأب وأم وداعية، وتلك التربية لا تكون بالمواعظ الموسمية، ولا بالنصائح الخجولة، وإنما تكون ببرنامج متكامل، ومنهج شامل يسير عليه المربي قبل الطفل، وهذه بعض الوسائل التي يمكن أن يستخدمها المربون في تربية أطفالهم على حب النبي صلى الله عليه وسلم:

1- أن يكون المربي نفسه قدوة في حب النبي عليه الصلاة والسلام وتطبيق سنته، بحيث يرى الأطفال أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام وسيرته مجسدة حية أمامهم، فالطفل من أخص خصائصه حب التقليد، ومن نقائصه أنه لا يهتم بالأشياء المجردة غير المحسوسة، فعلى المربي أن ينتبه لذلك، فيجسد أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في سلوكه وواقعه، حتى يقلده طفله في ذلك.

2- أن يحرص المربي على تعريف أبنائه بالنبي عليه الصلاة والسلام وسيرته وسنته وتاريخه ومواقفه وصحابته، وذلك لأنّ الإنسان عدوٌ لما جهل، فلا يمكن أن يحب الأطفال النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعرفون نجوم التمثيل ونجوم الرياضة أكثر من معرفتهم باسم النبي الكريم صلى الله الله عليه وسلم، فحينما يبذل المربي جهدًا في تعريف أبنائه على النبي صلى الله عليه وسلم فإنّ هؤلاء الأطفال يتشربون حب شخصية النبي عليه الصلاة والسلام.

3- أن يوفر المربي الوسائط والوسائل والبيئة المناسبة لتعويد الأطفال على تطبيق السنن النبوية المطهرة، والتدرب عليها وتجريبها.

4- تعويد الأبناء على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر أمامهم، وتعليمهم فضل الصلاة عليه، وتعريفهم على فضائله ومنزلته الرفيعة عند الله تعالى وعند خلقه.

5- أن يقوم المربي بإيراد قصص دورية من حياة النبي عليه الصلاة والسلام، تظهر كرمه وسماحته وشجاعته وعبادته وصدقه، وسائر أخلاقه العظيمة. فالأطفال تستهويهم القصص والحكايات، وتدفعهم إلى محاولة تقمص شخصيات تلك القصص، وتجريب نفس مواقفها.

6- أن يأخذ المربي أطفاله إلى العمرة، ولو لمرة واحدة في العمر، يعرفهم على ديار النبي صلى الله عليه وسلم، وتاريخ الإسلام العظيم، فرحلة العمرة رحلة مباركة عظيمة، وذات أبعاد تربوية في نفوس الأطفال لا يمكن حصرها.

7- الحرص على تحفيظ الأطفال شيئًا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأدعيته وأذكاره، كل طفل بحسب سنه وقدراته. وهكذا ينبغي لمحاضن التربية المختلفة في المجتمع أن تهتم ببناء ذلك الارتباط بالرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، حتى نستطيع إخراج جيل مؤمن صالح ينفع الوطن وينفع الأمة بأخلاقه الفاضلة وسلوكه المتسامح، واستثمار أساليب التربية والتدريب الحديثة في تحقيق تلك الغاية الجميلة النبيلة التي هي عبادة وقربة إلى الله تعالى، ومسؤولية كل مرب.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة