بين موظف مضطهد.. ومسؤول متلّسط!!

مسعود الحمداني

هل وضعك القدر يومًا وجهًا لوجه مع مسؤولٍ لا يرى إلا ما يراه..؟!!..

وهل همّشك مسؤولك بسبب خلاف في وجهات النظر فأصبحت أنت وجدار المكتب متماثلين؟

وهل واجهت يومًا مسؤولا لا يثق بقدراتك (كمواطن) ويعتقد أنّ الوافد هو الأكثر وفاء وإخلاصًا منك؟!!.

إذا كان القدر قد ساق لك مثل هذا المسؤول فليكن الله في عونك..

فمثل هؤلاء المسؤولين موجودين في كثير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، يأتون من رحم الغيب، فيقلبون حياة غيرهم رأسًا على عقب، ويحيلون بيئة العمل إلى جحيمٍ لا يطاق.. يأتون وفي أذهانهم أنّ كل من حولهم لا يفقهون شيئا، وأنّهم أتوا لإنقاذ البلاد والعباد من مجموعة من الموظفين الذين يجب التخلص منهم حتى تسير بوصلة العمل على الوجه الأكمل..

وبجهود هؤلاء المسؤولين وتفانيهم في إيذاء موظفيهم خسرت كثير من المؤسسات كفاءات مهنية وطنية، بل وصل الحال ببعض هؤلاء (الموظفين المنبوذين) إلى حد التصادم مع الوطن، وكرههم لكل مسؤول على أرضه، وتطاولهم على قياداته، والسبب أنهم خلطوا بين المسؤول المتسلط والوطن بجلالة قدره، فظهر بعضهم على شاشات الفضائيّات العالمية ليخلط الحابل بالنابل، ليس كرها في الوطن ولكن كرها في مسؤولٍ سلّط سيف نفوذه عليه حتى تمرّد هذا المواطن على كل ما حوله.

كثير من الكفاءات الوطنيّة هاجرت إلى خارج حدود الوطن، واحتضنتهم دول أخرى قدّرت كفاءاتهم، وأغدقت عليهم المال، وهيأت لهم الظروف، وأعطتهم كل فرص التألق والنجاح، فأخلصوا في عملهم، ووصلوا إلى قمة الهرم خارج وطنهم، بينما لم يعترف بهم المسؤولون لدينا، وضيّقوا الخناق عليهم، بل ولم يعترضوا سبيل من أراد الخروج من (مؤسستهم)، ليس حبًا وكرامة في تلك الوجوه، ولكن لأنّهم أرادوا أن يبينوا لهم أنّ الوطن ليس بحاجة لهم، وأنهم يستطيعون صناعة (الكفاءات) بهزة عصا!!..

عادت بعض هذه الطيور المهاجرة إلى بلادها، وبقي آخرون يعانون من (عقدة الاضطهاد) التي نجح مسؤولٌ ما في وزارة أو مؤسسة أو شركة ما أن يرهبهم بها، وأن يلصق بهم تهم التقصير والتسيّب والفشل فكان له ما أراد، ولكنه في المقابل كان سببا في خسارة ولاء مواطن لوطنه، وعدم ثقته في مسؤولي المؤسسات التي حوله، وأصبح ينظر إلى كل شيء في البلد نظرة ارتياب وشك، ويعتقد أن كل مشروع حكومي ما هو إلا عملية تكسّب و(محاصصة) بين المسؤولين والشركات المنفذة، وأنّه ليس للوطن ناقة فيه ولا جمل.

تمتلئ المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بأصوات (مضطهدة) لا يستمع لها أحد، ولا يلتفت إليها عابر سبيل، وتعج بعض الوزارات وكثير من الشركات بمسؤولين لا يأبهون بغير الكرسيّ، ولا يعيرون انتباها لغير الدائرة المغلقة والقريبة منهم، ولذلك نرى كثيرًا من الكفاءات العمانيّة تنسحب بهدوء من هذه المؤسسات، وأحيانًا تحاول أن تفتعل بعض الضجيج ولكن لا حياة لمن تنادي.

يجب محاسبة مثل هؤلاء المسؤولين الذين نسوا في سكرة السلطة ونشوتها توجيه صاحب الجلالة ـ حفظه الله ورعاه ـ (أن الوظيفة تكليف ومسؤولية قبل أن تكون نفوذا أو سلطة)، والذين يتسببون من خلال إداراتهم الانتقائية للمؤسسات التي يشرفون عليها بفقدان الوطن لكفاءاته ومواطنيه، بل ويصل الأمر إلى فقدان مواطنين لولائهم وثقتهم لكل من على هذه الأرض، ويجب وضع رقابة إدارية لكيفية تصرف مثل هؤلاء المسؤولين ـ سواء في القطاعات الحكومية أو الخاصة ـ مع موظفيهم، فالوطن بحاجة لكل قطرة عرق، ولكل جهد مخلصٍ ليبنيه، ولا يهدم مكتسباته.

وأخيرًا.. فإن بعض المسؤولين (المتسلّطين) أصبحوا كالسجائر سببا لأمراض القلب والضغط لمن حولهم.. فليكن الله في عون الوطن والمواطن على ما ابتليا به.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك