على هامش إستراتيجية تقدم المرأة العمانية

 

سهام بنت أحمد الحارثية

مصطلحات عديدة يتم تداولها بين حين وآخر مثل .. النهوض بالمرأة .. قضية المرأة .. دعم مساهمة المرأة في الحياة الاقتصادية! .. مساعدة المرأة في تحقيق الاستقلالية المالية!! البحث عن الفرص المتاحة للمرأة في دنيا المال والأعمال!!

وعند سماع مثل هذه العبارات تتبادر إلى ذهني أسئلة محيرة فهل المرأة العمانية منفصلة عن الأسرة والمجتمع لتكون لها قضيتها الخاصة؟ وهل تستحق أن تسمى بعض المطالَب البسيطة (التكميلية إن جاز لي التعبير عنها) بتمكين المرأة؟؟ لا أعرف ما جدوى أن نشغل أنفسنا نحن نساء عمان بتلك الشعارات التي لا تنطبق على واقع الحال هنا.. ولنكن صريحات مع أنفسنا قبل الآخرين!! لقد نهضت المرأة العمانية مع نهضة عمان وتساوت مع الرجل في الحقوق والواجبات وحظيت بحقوق قبل أن تطالب بها إلا أن عنق الزجاجة كما يقولون هو الوعي بتلك الحقوق وأخذها لا المطالبة بها فلم نطالب بحقوق هي أصلا لنا كفلتها القوانين والأنظمة التي لم تفرق بين رجل وامرأة!! مشكلتنا أو قضيتنا الأخرى هي وعي المجتمع وأقصد هنا الرجل (الأب والأخ والزوج ورئيس العمل وزميل العمل) بأهمية مشاركة المرأة ليس لأنها ضعيفة وتحتاج إلى من ينهض بها أو يدعمها.. بل لأنّ وجودها في ميادين العمل سيدفع عجلة الاقتصاد والتنمية بسرعة مضاعفة عن السرعة التي سيدفعها بها لو حاول أن يدفعها بنفسه .. وجودها يحتاجه الوطن ليبنى بتناغم وكفاءة مشتركة ويوظف جميع الطاقات لتعطي أفضل ما تملك من قدرات ومواهب فالمرأة موجودة اليوم في كل الميادين العلمية والعملية حتى عندما يُراهن على أنها لن تنجح في مجال ما تثبت العكس.. فما نحتاجه هو غرس مفهوم هذه الحقوق لدى أولادنا وبناتنا وتنشئتهم على حسن اختيار من يقدم الأفضل سواء كان رجلاً أو امرأة.. أما فيما يتعلق بدخول المرأة إلى سوق العمل فلا يحتاج إلى دعم أو موافقة أحد.. فقد دخلت بإمكانياتها التي تنافس بها نفسها وغيرها .. الدليل نتائج المراحل التعليمية المختلفة التي لم تحتاج المرأة فيها إلى كوتة للحصول على مقاعد في البعثات الدراسية بل احتاجها الطلبة الذكور لينافسوا زميلاتهم اللاتي تقدمن عليهم في جميع المواد خاصة العلمية منها... وجود المرأة ومساهمتها شيء يفرض نفسه ليس فقط لأننا نشكل نصف العدد في الكثافة السكانية ونصف الطاقات البشرية، بل لأن الإناث تفوقن على الذكور في بعض القطاعات وأولئك لن يحتجن بالتأكيد إلى دعم بل ستتوالى عليهن العروض والمطالبات بالمشاركة وتعزيز الدور الاقتصادي .. ولا أعتقد أن لدينا مشكلة في تعليم المرأة أو عملها فالوعي كبير جدًا لدى معظم فئات المجتمع. ومهما بلغ تحفظ بعض العائلات إلا أنني أجد بناتهم يعملن في مختلف المجالات .. أما بالنسبة للفرص المتاحة أمامها فلا أؤمن بأن نؤطر لها مجالا معينا فالسوق كله مفتوح لها أسوة بالرجل ولا قانون في بلادنا يخلق تفرقة بينهما في الحقوق والواجبات مثل بعض الدول الأخرى .. المطلوب فقط أن تعي هي حجمها الطبيعي وألا تقلل من قيمتها الحقيقية بتأطير نفسها أو بالمطالبة بحقوق هي تملكها أساسًا.. الحقيقة أن ما ينقص المرأة هو أن يتفهم شريكها في الحياة توجهاتها وطموحها ويكون لها عوناً تماماً كما فعل قدوتنا وقائدنا جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- .. فقد وضع الخطوط العريضة لشراكة مستمرة واضحة المعالم بين الرجل والمرأة كأساسين متساويين في الحقوق والواجبات وفرصا متساوية في التعليم والعمل.. وإن كان هناك تباطؤا فهو بسبب المرأة نفسها باختيارها عدم المشاركة الحياة العملية أو لأنها جعلت من أسرتها أولوية واكتفت بمشاركة بسيطة ولا أعتقد أن قانوناً في الدنيا يمكن أن يمنعها من حق الاختيار .. وفي المقابل فهناك من الوسائل التي يمكن بها جذب المرأة إلى العمل بشكل مريح والتي يجب أن تركز عليها الإستراتيجية كالعمل من المنزل وتحديد ساعات مرنة لعمل المرأة الأم وتفعيل برامج المواءمة بين دور المرأة الاقتصادي وأدوارها الاجتماعية الأخرى بحيث لا نفقد الأم والزوجة ونعاني تفككا أسريا وضياعا لأغلى استثمارات المستقبل (أولادنا) كمجتمعات سبقتنا في التجربة وهي الآن تصحح مسارها فيما نحن نتبع خطاهم مُغمضين!! إذا أردنا المساهمة في بناء الوطن فيجب أن نكون كنساء عقلانيات في مطالبنا ونشخص الحقوق التي تكفل لنا التوازن المبني على معرفة طبيعة المرأة وفطرتها ومسؤولياتها المتعددة ولا تكون المطالبات منطلقة من الانفعال أو التقليد لمجتمعات أخرى لأنها ستضر أكثر من أن تنفع.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك