أبطال أوروبا.. لقاءات الواقع والطموح!

حسين بن علي الغافري

تنطلق خلال اليومين المقبلين مُباريات دوري أبطال أوروبا لذهاب دور الثمانية. مباريات يبدو بعضها صعبا ومعقدا حتى عند أولئك المهتمين بالتكهنات والمراهنات.. والتي لطالما اعتاد المشجعون "المعتصبون" الاشتراك فيها والمقامرة حولها. والأخرى تتسم بوضوح الفروقات وترجيح كفة دون أُخرى! طبعاً تبدو أفضلية التاريخ والأسماء تميل إلى كفة عملاقي إسبانيا وبطل ألمانيا، لأسباب عديدة وقراءات مسبقة، سواء كانت من ناحية ثقل الحضور المعتاد لأدوار متقدمة كهذه، أو حتى من ناحية ثقل الأسماء في حوزتهم، أو يمكن القول وضوح العزيمة والرغبة الجامحة والاستقرار الفني والإداري في طموحات مشروعة لتسيد القارة بعد أن أضحت دورياتهم تعبر عن حجم الهوة الواسعة مع منافسيهم الآخرين. وبطبيعة الحال لا يمكن تجاهل أي من أندية الصفوة البقية وهو ما يضع باب المفاجأة مفتوحاً على مصراعيه خصوصاً بعد مباريات الذهاب هذا الأسبوع، والتي من المؤمل بأنها ستكون غنية بدلائل تبرز أعمدة المربع الذهبي المنتظر، وفيما يلي نظرة سريعة عن اللقاءات الأربعة:

يدخل الفريق الملكي ريال مدريد لقاء صعبا ومفخخا بالشوك أمام جاره أتلتيكو مدريد ومنافسه المستمر. حقيقة الأمر، ما يؤرق "انشيلوتي" المدير الفني للريال هي النتائج السابقة ضد أتلتيكو وغياب الحلول في أي منها، وقد تكون تلك اللقاءات عاملا نفسيا مضادا يجب الاستعداد له وإنهاؤه فوراً، والظهور بالشكل الطبيعي للفريق بعد أن اختفت معالم الأداء التكتيكي في آخر لقاءات الملكي ضد جاره. من ناحية أخرى يبدو أنّ انشيلوتي قد تعلم الدرس من لدغات وحماس فريق سيميوني والفرصة مواتية لأن يبرز نفسه ويعالج الأخطاء المتكررة. بدوره أتلتيكو مدريد وحتى نكون منصفين، فهو لم يعد أتلتيكو العام الماضي، الفريق فقد جزءا من قوته وقتاليته، وأمر المنافسة على الليغا قد لا يحدث هذا الموسم. أكثر ما يدعو للتفاؤل هو أن أتلتيكو يظهر بثوب آخر في لقاءات الريال ويستأسد بصورة رهيبة تجعل اللقاء يصعب التخمين في نتيجته. أتلتيكو يدخل اللقاء وهو على أمل تحقيق شيء يذكر هذا الموسم بعد أن فقد فرصة الألقاب في بقية المسابقات تقريباً. اللقاء مؤكد بأنه سيكون ممتعاً كعادة لقاءات الفريقين والاصطدام في دور الثمانية للبطولة الأوروبية ومع خصم يعتبر زعيم أوروبا سيزيد من جمالية التشويق المرتقب.

بدوره يخوض برشلونة على الأراضي الفرنسية مواجهة تكررت كثيراً في العامين الأخيرين. باريس سان جيرمان والفريق الكتلوني تقابلا في أكثر مرة خلال فترات قصيرة في ذات البطولة. يدخل الباريسين بأجنحة مقطوعة بغياب كلاً من ابراهيموفيتش وفيراتي للإيقاف، وموتا ولويز للإصابة. ولعل طموحات الباريسيين تبدو بعيدة المنال بعد مباراتهم الكبيرة في ستامفورد بريدج. برشلونة بدوره قدم واحدة من أجمل لقاءاته عندما أسقط المان سيتي ذهاباً وإياباً، وسيواجه طموح عالي في الوصول إلى النصف النهائي وتكرار موسم الثلاثية التاريخية مع بيب جوارديولا، مع إنّ الظروف تبدو صعبة حسابياً سواء بالليغا أو الأبطال. ننتظر مباراة قوية من الباريسيين خصوصاً في أرضهم وبين جمهورهم وإلا فإن مسألة تكرار العودة بالتأهل من الكامب نو تبدو صعبة وضيقة ولا يجب عليهم التفكير كفعل ما فعلوا أمام تشيلسي. إجمالاً لقاء الذهاب من وجهة نظر سيحدد معالم واضحة للمتأهل قبل لقاء الإياب.

بايرن ميونيخ وبورتو.. ما يمكن القول في هذا اللقاء؟!. هل أن القصة انتهت للبرتغاليين وقد آمنوا بذلك؟! أم أنّ باب المفاجأة قد يرى النور ولو من شق الباب الضيّق؟!. حقيقة، لا يمكن المقارنة ورقياً أو غير الورق بين الفريقين فالفروقات بارزة للعيان. بورتو ما يجب أن يتسلح به هو الإيمان بالذات ومحاولة اللعب على الطريقة المضمونة والمنتجة وغلق كل الخطوط الخلفية. البرتغالييون يمتلكون فرصة لأن يكونوا متعبين لفريق بيب، ولعل اليونان عام 2004م فعلت المستحيل وحصدت يورو لشبونة يومها من بين كبار منتخبات أوروبا. من يذكر كيف تمكن اليونانيين من التتويج يؤمن بأنّ مسألة صنع معجزة أمام بايرن ميونيخ لا مستحيل فيها. وإذا ما كان بايرن ميونيخ قاسياً ويوازيه بورتو بفريق مستسلم، فلن تتجاوز المباراة إلا محطة عبور لفريق بيب لنصف النهائي، فهل ستكون كذلك؟!.

لقاء اليوفنتوس بموناكو علقت عليه بعض الصحف العالمية بأنّه لقاء "الفخ". من كان تصور موناكو محطة عبور لأرسنال فقد حصل على الإجابة. الفريق الفرنسي منظم للغاية وهو برهان آخر لنهضة الكرة الفرنسية وجمالية المنافسة وحدتها في السنوات الماضية. موناكو عاد من الدرجة الثانية لينافس على البطولة في عام واحد، وها هو يصل إلى دور الثمانية لدوري الأبطال الأوروبي. وقد أطلق عليه المحللون بـ "حصان البطولة"؛ نظراً للتوقعات التي ذهبت لأن تراه متجاوزاً لبطل إيطاليا. من جهة أخرى، يرى الكثيرون أنّ يوفنتوس أمام لحظات قد لا تتكرر في قادم الأعوام، وبأجواء ملائمة لأن يخلق تاريخا كبيرا من أوسع أبوابه. السيدة العجوز ضمنت بشكل كبير بطولة الدوري الإيطالي، ما يجعل الانتباه مركزا على البطولة الأوروبية والاستفاقة وتعلم درس سقوط آرسنال عندما استهان بموناكو. شخصياً أراهن على يوفنتوس كثيراً هذا العام ولم لا يكون مرشحاً لنهائي الأبطال؟! موناكو اختبار أول، يستحق أن نرى كيف سيتعامل معه السيد أليغري.

تعليق عبر الفيس بوك