شيطنة "الأونروا".. الإنجاز السهل في الواقع الصعب

 

 

لبيب فالح طه **

في ظل تعثر سياسي وعسكري واستخباري، تبحث إسرائيل عن تحقيق أي نجاح، ولو كان على جبهة وهمية، أو معركة افتراضية. وفي ظل تدهور علاقاتها مع معظم دول العالم، تمارس دور الضحية وتشيطن الجميع وتحاول إسباغ هالة ملائكية حولها.

الأونروا التي تأسست من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949، وتم تكليفها بتقديم المساعدة والحماية لمئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين حينها؛ تأسيسها بقرار أممي أعطاها صبغة مؤسسة أممية، ولها شرعية دولية. والأونروا -التي جاء في صفحتها على الشبكة العنكبوتية الدولية - أن خدماتها تشمل التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية، وتحسين البنية التحتية، التمويل لبعض المشروعات الصغيرة، والمساعدة الطارئة، يتم تمويلها بشكل شبه كامل عن طريق المساهمات الطوعية. ما يمكن إضافته إلى ما سبق أن وكالة الغوث بعيدة عن أي تسييس أو حزبية، وهي تتبنى الحيادية في القول والممارسة في الصراع الدائر بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.

حين تأسست الأونروا كان يفترض أن يستمر وجودها لفترة مؤقتة حتى يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى مدنهم وقراهم، ولكن غيبتهم طالت، ومثل وجود الأونروا بالنسبة لإسرائيل علامة خطر تعني أن هناك مشكلة قامت إسرائيل بخلقها إبان النكبة ولا بد من حلها.

بدلًا من حل مشكلة اللاجئين، تسعى إسرائيل لحل وكالة الغوث (الأونروا)، وما يزيد في جرأة إسرائيل وتطاولها على الأونروا أن هناك عددًا من الدول المؤثرة دوليًا، والممولة بشكل رئيس للوكالة كالولايات المتحدة وألمانيا، قد قررت تجميد تمويلها للوكالة.

الحملة المسعورة على الأونروا تبدو غير مقنعة أو منطقية، لو فرضنا صحة الدعاية الإسرائيلية بأن بعض موظفي الوكالة شاركوا في الهجوم على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر عام 2023، فإن ذلك تم بمبادرة منهم وليس بتحريض من الوكالة ولا علاقة للوكالة به، لو أن فلسطينيين يعملون في مصنع إسرائيلي شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر، فهل ستغلق إسرائيل ذلك المصنع؟! وهل نصدق إسرائيل أنها اكتشفت نفقا تحت مقر الوكالة في غزة؟

ولو كان ذلك صحيحًا– ونحن لدينا الكثير من الأسباب لنرفض الدعاية الإسرائيلية-فهل الوكالة هي التي حفرته أو دعت إلى حفره؟

الحملة الإسرائيلية على وكالة الغوث جزء من رؤية إسرائيل أن الأمم المتحدة بأنها عدو لإسرائيل وهي الدولة التي قد تكون الوحيدة في العالم التي أنشئت بقرار من هذه المنظمة الدولية. حملة إسرائيل تحاول استغلال ظرف التغيرات التي أفرزتها الحرب على غزة للتخلص من الوكالة التي يرمز وجودها إلى جريمة إسرائيل في التطهير العرقي واقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين من بيوتهم خلال حرب عام 1948. الحملة الإسرائيلية تهدف إلى إظهار صورة «الحمل الوديع» الذي «تتآمر» عليه مؤسسة دولية، الحملة الإسرائيلية تحاول الثأر لنفسها في نفس الفترة التي صدر فيها قرار محكمة العدل الدولية الذي يلزمها باتخاذ إجراءات تمنع الإبادة الجماعية في حربها على غزة. الحملة على وكالة الغوث تهدف إلى المساهمة في تجويع الفلسطينيين وحرمانهم من هيئة دولية تساعدهم، فمن لم يمت بالجوع مات بغيره، فالموت واحد والعدو واحد والحرب التي تشنها إسرائيل لا تستهدف التنظيمات الفلسطينية، وإنما تستهدف الشعب الفلسطيني ككل، واستشهاد المئات يوميا وتدمير كل شيء يخص الشعب الفلسطيني يعطي خير دليل على ذلك.

يذكر ان دولًا عدة اعادت تمويل الأونروا كالسويد وكندا وفنلندا؛ مما يعني استجلاء تلك الدول لكذب الدعاية الإسرائيلية، والانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني الذي يواجه الموت والتدمير على مدار الساعة.

** كاتب فلسطيني

تعليق عبر الفيس بوك